أخبار

أحمد الصويري يطل علينا من خلال “ستكونُ آخر ما كتبتَ”

أحمد الصويري يطل علينا من خلال “ستكونُ آخر ما كتبتَ”
أحمد الصويري يطل علينا من خلال “ستكونُ آخر ما كتبتَ” أحمد الصويري يطل علينا من خلال “ستكونُ آخر ما كتبتَ”

أثير – مكتب أثير في تونس
قراءة: محمد الهادي الجزيري


بعد الإهداء الذي ورد في شكل قصيدة رائعة، يصف فيها الشاعر محبوبته مع التفاتة نحو الله مبدع كلّ هذا الجمال والروعة، بعده مباشرة ندخل المتن، فلا وقت ولا أيّ شيء يمكنّك من الانفصال عنه، إنّه الشعر ولا شيء غيره، فادخل إلى ملكوته ..لا خوف عليك ..واقرأ بصوت عال:

“تغفو
ويوقظك الحنينُ
وتأرقُ
وجع المسافرُ
كلّما هطلتْ يداك على الحقولِ
سيُورقُ“




أحمد الصويري يطل علينا من خلال “ستكونُ آخر ما كتبتَ”
أحمد الصويري يطل علينا من خلال “ستكونُ آخر ما كتبتَ” أحمد الصويري يطل علينا من خلال “ستكونُ آخر ما كتبتَ”

وتستمرّ في الغناء والشطح مع المعاني الشعرية المبتكرة في قصيدة أولى بعنوان “قلب أزرق“، وتتأكّد أنّك أحسنت فعلا حين التمست من الصديق أحمد الصويري نسخة من مجموعته الشعرية، فلبّى الدعوة مشكور، فها أنت في الباب فادخل لا عليك ولا عليه، ثمّة قصائد كالخرائد في انتظارك.

من أوّل فقرة، بل من أوّل جملة تعرف هل أنت في حضرة شاعر أم لا، في ظلّ هذه الزحمة الخانقة من أصوات، ما أنزل الله بها من سلطان، أقول هذا للفْتِ نظر النقاد والعامة والحمقى إلى أنّ اختلاط الحابل بالنابل فاق كلّ الحدود، أقول هذا وأمرّ إلى ما بين يديّ من شعر صاف..

“ما لا يتغيّر يا بْن الناسِ
ستطعم قلبك للجوعى
وستسهر حين ينام الموتُ
تقشّر ظلّ ندامتهم..
سيرونك أصغر من صوت
تحضنهم ذاكرة صمّاءْ ..”




صراحة انتصر لي أحمد الصويري، إذ لم أكتب حرفا واحدا في بياض قصيدة منذ فترة قاحلة، وفجأة تدفّق كالشلال، وإن مرّ بخاطري وطلبته فاستجاب، أنظروا ماذا يقول، يقول إنّ كلّ شيء يتحوّل ويأخذ شكلا آخر، إلا طبيعة الناس، (والكلام موجّه للشاعر) فهم يستطعمون ويتذوّقون لبّ قلبك، ويستمعون إليك (في مثل ما قلته وتقوله) ولكن ستظلّ صغيرا ولا شيء، حتّى لا أقول: تافها، وتلك حقيقة الناس، وذاك ما خبره أحمد الصويري واقتنع به ومع ذلك مازال يكتب، وهذا ما يدفعني للكتابة اليائسة والميؤس منها، أي الكتابة المنطلقة من يأس تامّ ممّن حولك، فاكتب يا أحمد،، أكتب لأجيال أخرى،، ربّما.

ما أقسى أن أمرّ على قصائد يكاد كلّ مقطع منها يصيح: “خذوني مثلا“ أو وزّعوني على بياض الورقة علامات تفوّق لمن حبّرني ذات صفاء على أوراقه، ولكني أتقدّم متجولا في حديقة غنّاء معتذرا لتعذّر التقاط كلّ هذا الفقرات في هذه
المقالة المحدودة في الزمن والحجم وتقدير كلّ إبداع، وأشحن نفسي بما أمكن من الجمال لكي أقول للرائع رائع أنت يا صديقي…


“كنّا صغارا
نطرق الأبواب في الظُهريّة الحمراء
نخطو على وهج الحصى
ونلوذ بالآفاق من سيل الشتائم
حين يطلقها الزقاقْ
كنّا نسير على الهواءْ“




هذا مطلع قصيدة بعنوان “لقمة من رحلة الماضي“ يتبع فيها خيط حنين للطفولة ويتحدّث خلالها عن نزق الصغر وحيلهم لإزعاج الكبار وخوفهم اللامحود من غضب الجار ومن عكّازه المتوثّب ..ويختم القصيدة التي تثير فينا حنينا جارفا لما كنّا عليه من براءة وشيطنة وعبث وانسيابية يختم هذا الدفق الشعوري بهذه الفقرة المؤلمة الحاسمة، فقد انتهى كلّ شيء:

“مرّوا على ساحاتهم يتذكّرونْ
مرّوا
ولا خوف يجاورهم
(ولا هم يحزنونْ )“



كلّ ما سأقوله فيه قليل، فهو جدّ متواضع، ويعد بقصائد ومعان مذهلة، وما هذه الإطلالة على مجموعة “ستكون آخر ما كتبتَ ْ” سوى إشارة إليه في ركنه النائي في السويد يخطّ لنا ما يخطّ، علما أنّه سوري من مواليد الرقة 1980 وقد درس الأدب العربيّ في جامعة حلب، وله إضافة إلى مجموعته المحتفى بها مؤخرا، له ثلاث مجاميع إحداها لم تنشر بعد وهي باللغة السويدية، كما أنّه يشتغل مشرفا على التحرير لموقع (وكالة أنباء الشعر) الإلكتروني…

Your Page Title