مسقط-أثير
إعداد: د. محمد بن حمد العريمي
نجح الباحث سالم بن صالح بن علي السيابي في تحقيق مخطوطتين للشيخ عبد العزيز بن عبد الغني الأموي، وصدرتا في كتاب واحد عن دار الفرقد للنشر، ويتوفر الكتاب في معرض مسقط الدولي للكتاب 2024 في نسخته 28.
المخطوطتان عبارة عن مذكرات للشيخ القاضي أبو برهان عبدالعزيز بن عبدالغني بن طاهر بن نور بن أحمد الأموي القرشي، كان يلقب نفسه بـ” شمس السَّواحل”، ولقبه غيره بـ”قطب السَّواحل” ولد في براوا الصومالية عام 1248هـ/ 1833م، وتعلم هناك على يد الشيخ أبو بكر بن مندو، والحاج علي بن عبدالرحمن، ثم سافر إلى زنجبار ودرس على يد الشيخ محيي الدين القحطاني، وقد طلب الشيخ محي الدين من السلطان سعيد أن يعينه قاضيًا، فوافق على ذلك، وعينه قاضياً في كلوة عام 1266هـ / 1850م، وكان حينها عمره ثمانية عشر عامًا فقط، ثم انتقل إلى زنجبار، وظل حتى عهد السيد علي بن سعيد.
المخطوطة الثانية:
* تاريخ الرحلة إلى بر التنج للدولة العلية العربية السعيدية
تتحدث هذه المخطوطة عن وقوع انفلات أمني في طرق الفحم بتنجانيقا (تنزانيا حاليًا)، وخروج برور الزنج – الواقعة تحت سلطة الدولة العربية السعيدية، في عهد السيد برغش بن سعيد – عن سيطرة الدولة، حيث طلب الوالي حمود بن عبدالله الحوسني والي السلطان برغش بن سعيد في مليندي، إرسال المال، والرجال، والسّلاح، وواحدًا من أكابر الدولة؛ لمحاربة المخالفين، غير أنَّ الحنكة السياسية التي يتمتع بها السيد برغش، والذي بدوره عرض الأمر على مستشاره السيد حمد بن سليمان، الذي أيد إعلان الحرب، ثم عرض السيد برغش الأمر على الشيخ عبدالعزيز بن عبدالغني الأموي؛ وذلك لخبرته السابقة في التعامل مع الزنوج، والذي رأى عدم الحاجة لإرسال الجيوش، قبل التأكد من الأسباب التي دفعت الزنوج لإعلان التمرد، وإزالتها إن أمكن ذلك بالطرق السلمية.
فانتدب السيد برغش الشيخ عبد العزيز الأموي لهذه المهمة، ومنحه الصلاحية التامة؛ ليفعل ما يراه – فالحاضر يرى ما لا يراه الغائب – دون الرجوع إليه، فكتب له مخطوط من له علاقة بالأمر. كما كلفه بإجراء إصلاح كل ما أشكل على الدولة، من رسم الحدود مع الدولة البرتكسية (البرتغال حاليًا)، والخلافات بين زعماء التنج، والولاة.
بدأت الرحلة بإبهام سبب مسيره إلى تلك البرور؛ حتى لا يعرف أحد سبب سفره، ويتسنى له معرفة أسباب التمرد، وتعطيل طرق الفحم؛ ليتمكن من معرفة المتسبب في تلك الأحداث، وإعادة الأمور إلى نصابها، وتمكن من معرفة المتسبب ومعاقبته وفق الصلاحيات الممنوحة له، واستخدم أسلوب اللين أحيانًا وبالتهديد أحيانًا أخرى فقدر الله له ما أراد فأزال الأسباب وأصلح كل ما أفسده الغير، وأعاد الأمور إلى مجراها، ولم يحرك جنديًا واحدًا للقتال وإرجاف البرور، ووثق كل ذلك بعهود ومواثيق، ثم دون كل تلك الأحداث بأدق تفاصيلها في مخطوطته التي خطها بخط يده.
التحقيق:
قام المحقق بإخراج نص المخطوطتين في صورة صحيحة، ووضع تراجم للأعلام والأماكن، وصحح بعض الأخطاء، وفقا للأصول المتبَعة في التحقيق.
وكتب الكلمات الزنجية بحروف عربية، ووحد كتابة الأعلام، والمواقع التي كتبها المؤلف بحروف فارسية ونطقها بالزنجية. كما ذكر المؤلف ذلك في هامش الفهرس بالصفحة الرابعة حيث كتب “كل كلمة زنجية ذكرتها في هذا التاريخ ما أعربتها، بل حكيتها على حالها ونطقها بالزنجية بحروف الفارسية، فلو أعربتها لما عرفت”.