افتتحها جلالة السلطان: مكتبة عامة في مسقط لا تؤجل زيارتك لها 

Atheer - أثير
Atheer - أثير Atheer - أثير

مسقط-أثير

زارها: الدكتور محمد بن حمد العريمي

حرص العديد من البيوتات والأسر العمانية الكريمة في جناحي القطر العماني (عمان وشرقي أفريقيا) على الاهتمام بالعلم والأدب وسائر الفنون الفكرية المختلفة؛ وأولوها عنايةً فائقة تمثلت مظاهرها في جلب المعلمين لتنشئة أبنائهم منذ الصغر في مجالات العلوم الأساسية مثل الدين واللغة والحساب، ونسخ الكتب المختلفة وشرائها، ودعم طباعة الكتب، ووقف الأموال على رعاية طلبة العلم وشراء الكتب وتجليدها، وتأسيس المكتبات الخاصة، وغيرها من الأعمال والجهود التي تدل على مدى الاهتمام الكبير بالعلم وما يتعلق به فنون.

وتعد أسرة الشيخ محمد بن سالم بن سيف الرواحي من الأسر العمانية البارزة التي عنيت بالعلم ومجالات الفكر المختلفة، وقد حظي العديد من أبنائها بمكانة رفيعة لدى حكام مسقط وزنجبار، وبرزوا في مجالات سياسية وفكرية ودينية عديدة، فكان منهم الكتّاب، والقضاة، والمستشارون، والأدباء، ورجال الأعمال.

وقد قام أبناء هذه الأسرة بأعمالٍ كثيرة في مجال حفظ التراث ودعم نشره، فاقتنوا العديد من الكتب، ودعموا طباعة ونشر بعضها، وكانت لهم علاقة بالعديد من العلماء والأدباء ورجال الدين البارزين. كما امتلكوا خزانةً تضم الكثير من المؤلفات المهمة من كتبٍ ومخطوطات، عدا عن إسهاماتهم الفكرية في عددٍ من صحف زنجبار، وغيرها من الأعمال التي تدل على اهتمامهم بتلك المجالات.

وتعد (مكتبة الرواحي) التي افتتحت في الوطيّة عام 2016م امتدادًا لذلك الاهتمام، وتواصلًا فكريًا لاستكمال ما قام به الآباء والأجداد من دعمٍ وعناية لكل ما يتعلق بالعلم والتراث. كما تعد من العلامات الفكرية البارزة في سلطنة عمان، ونموذجًا لمدى اهتمام بعض رجال الأعمال بدعم الفكر والثقافة، ومتنفسّا وملاذًا لكثيرٍ من طلبة العلم في ظل الحديث عن شحّ الأراشيف والمصادر والأماكن المخصصة للبحث والقراءة.

ولقد كانت زيارتي إلى (مكتبة الرواحي العامة) حلمًا مؤجلًا منذ فترة جائحة كوفيد 19، وكنت أمنّي النفس بزيارتها، وفي كل مرّة أمر في الطريق العام خلال رحلة ذهابي إلى روي أو مسقط القديمة أتساءل مع نفسي: متى سأقف قريبًا من هنا وأخطف زيارةً عابرة إلى المكتبة؟

وظلّت هذه الأمنية مؤجلة إلى أن تلقيت دعوةً كريمة من الشيخ محمد بن أفلح بن حمد الرواحي لزيارة المكتبة والتعرف على أركانها، فأيقنت أن الفرصة قد حانت، وأنني لا أملك سوى تلبية هذه الدعوة الكريمة، وقد كان ذلك، وأسفت على ترددي خلال الفترة الماضية في زيارتها؛ ذلك أنني وجدت نفسي في مكانٍ أقل ما يقال عنه بأنه صمّم كي يجذب الباحث، وكي يجعله يعاود التردد مراتٍ عديدة ويستفيد مما تحتويه المكتبة من نفائس وذخائر.

افتتاح المكتبة

تم تدشين المكتبة التي تقع في الدور السادس من مجمع الرواحي بمنطقة الوطية، يوم الاثنين 7 من صفر عام 1438هـ الموافق 7 نوفمبر 2016م تحت رعاية صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- قبل توليه مقاليد الحكم.

رسالة المكتبة:

هدف القائمون على المكتبة إلى تحقيق مجموعة من الأهداف من خلال إنشائها، لعل من بينها: تعزيز الحفاظ على التراث الفكري العماني والإسلامي الأصيل والعلاقات الإنسانية، من خلال ضمان الوصول إلى مصادر معلومات ثرية ومتجددة، وتلبية الاحتياجات البحثية والعلمية لرواد المكتبة ومستفيديها، والحرص على توفير مستوى عال من التسهيلات المكتبية والخدمات التي تسهم في استمرار العلاقة بين المكتبة والمستفيدين على النحو الذي يحقق أهدافها المرجوة.

أقسام المكتبة:

تضم المكتبة ما يزيد على ٦ آلاف كتاب تتنوع موضوعاتها ما بين المعارف العامة والموسوعات والمصنفات الفقهية وعلوم الشريعة والفلسفة واللغة العربية والعلوم وكتب التاريخ والتراجم والجغرافيا، وتضم أيضا كتبًا بلغات أخرى مثل: الإنجليزية والسواحيلية والفرنسية، وتزخر المكتبة بمجموعة قيمة من الكتب ونوادر المخطوطات والوثائق التي تبرز حقبًا تاريخية مهمة من تاريخ سلطنة عمان وحضارتها، وبالإضافة إلى بعض المقتنيات القديمة التي تحكي جانبًا من التراث العماني الضارب في القدم.

مقتنيات الأسرة:

تضم المكتبة مجموعة من المقتنيات المادية لأسرة الشيخ محمد بن سالم الرواحي تنوعت ما بين صور لبعض شخصياتها، وهويات سفر، وأطقم طعام، وملابس رسمية، وحليّ، وغيرها من المقتنيات التي تعبّر عن المكانة الاجتماعية التي وصلت إليها الأسرة وبالأخص خلال وجودها في زنجبار وقربها من السلاطين هناك.

الوثائق والمراسلات:

كما تضم المكتبة مجموعة من الوثائق التي تحوي مراسلات تخص عددا من شخصيات الأسرة مع سلاطين وشخصيات بارزة في مسقط وزنجبار، من بينها: رسالة من السلطان برغش بن سعيد إلى واليه سالم بن سيف البوسعيدي كتبها سالم بن محمد الرواحي، ورسالة من سلطان زنجبار خليفة بن سعيد إلى واليه، سالم بن سيف البوسعيدي، كتبها الشيخ عبد العزيز بن محمد الرواحي، وكلمة الترحيب التي ألقاها رئيس العدالة المستر جرين في 25 يوليو 1955 في حفل تنصيب الشيخ محمد بن سالم بن محمد الرواحي قاضيًا بزنجبار، وقصيدة قالها الشيخ سالم بن سليمان البهلاني في مدح الشيخ حمد بن سالم بن محمد الرواحي، ورسائل متبادلة مع السلطان سعيد بن تيمور، والسلطان قابوس بن سعيد، والسيد محمد بن أحمد البوسعيدي، وغيرها من المراسلات العديدة.

المجموعات الخاصة:

المخطوطات:

تضم المكتبة مجموعة كبيرة من المخطوطات المهمة، ومن بينها: مخطوطة الإرشاد في شرح مهمات الاعتقاد، وشرح الشيخ محمد الخضري على اللمعة في حل الكواكب السبعة، والمديح النبوي، والقطعة الخامسة من كتاب مصباح الظلام، والجزء الثاني من كتاب المصنّف، والجزء الأول من كتاب المدونة الكبرى لأبي غانم الخراساني، ومخطوط كتاب النكاح، ومسائل عن الشيخ عبدالله بن حميد السالمي، ومخطوط معارج الآمال على مدارج الكمال.


المطبوعات النادرة:

يحوي أرشيف المكتبة العديد من الكتب والمطبوعات النادرة التي اقتنتها الأسرة خلال مرحل مختلفة، ومن بينها: الجامع الصحيح، والتحفة والتوأم في علم الفرائض، وأرجوزة، وقصائد شعرية، والجزء السادس من تاريخ الكامل، والدرة اليتيمة المعروفة بقصيدة البردة، والمجلد السادس من مجلة الأزهر 1980، والنفحة الوهبية في الأصول النحوية، وخزينة الأسرار جليلة الأذكار، وجامع أركان الإسلام، وطبعات قديمة من تحفة الأعيان، وغيرها العديد من المطبوعات النادرة.

أقسام عامّة:

عدا عن المخطوطات والكتب النادرة، فإن المكتبة تحوي أقسامًا عامّة للكتب تتنوع ما بين الدين، والأدب، والتاريخ بأنواعه، والعلوم، واللغات، وغيرها، وذلك لتحقيق الاستفادة القصوى للباحثين والمهتمين.

الخدمات التي تقدّمها المكتبة:

تتوفر بالمكتبة أجهزة الحاسب الآلي المزود بشبكة الإنترنت وذلك لاستخدامها من قبل المستفيدين لأغراض البحث في فهرس المكتبة وإنجاز البحوث والأغراض العلمية، ويقدم اختصاصي المعلومات بالمكتبة الخدمة الإرشادية لزوار المكتبة ومستفيديها من الباحثين والمهتمين في موضوعات المكتبة ومصادرها، وتلبـية حاجاتهم والرد على استفساراتهم وأسئلتهم المتعلقة بخدمات المكتبة وسياساتها ومصادرها. كما يقوم كذلك بتدريبهم على استخدام الفهرس الآلي الخاص بالمكتبة في نظام آفاق المعرفة وكيفية البحث فيه والوصول إلى مصادر المعلومات التي يحتاجها.