تاريخ عمان- أثير
تاريخ عمان- أثير
إعداد: د. محمد بن حمد العريمي
إعداد: د. محمد بن حمد العريمي
كان لموقع عمان الحضاري المتميّز المطل على عدد من البحار والمحيطات، والمجاور للعديد من الحضارات المتعاقبة على مر العصور دورٌ كبير في ازدهار الحضارة العمانية البحرية، وانتعاش التجارة وحركة النقل والملاحة، والتبادل التجاري والمعرفي بينها وبين الحضارات المجاورة والبعيدة، فظهرت العديد من الموانئ العمانية التي كانت بمثابة مخازن لسلع الشرق والغرب، ومحطات التقاء للتجار القادمين من الموانئ المختلفة، واشتهر الكثير من التجار العمانيين الذين كانوا دعاة سلامٍ وتسامح، وأسهموا في نشر الثقافة العربية الإسلامية في كثيرٍ من الموانئ التي نزلوا بها.
وكان من الطبيعي أن يرتبط الازدهار التجاري بمعرفة العُمانيين للمفردات المرتبطة بعمليات التبادل الاقتصادي المختلفة ومن بينها العملات المختلفة، وكان من الطبيعي كذلك أن تكون معرفة عمان للعملة في زمنٍ مبكر نتيجةً للنشاط التجاري المبكر الذي مارسه العُمانيون، بل أسهمت العملات النقدية المرتبطة بها على مر العصور في الكشف عن كثير من الأحداث السياسية والاقتصادية والدينية المرتبطة بتاريخ عُمان، لأن تلك العملات كانت بمثابة شريط مسجّل للأحداث من خلال المعلومات المدوّنة عليها، أو العمليات المرتبطة بها.
“أثير” تستعرض في هذا التقرير ملامح من تاريخ النقود في عمان علمًا بأن الموضوع ترتبط به الكثير من المعلومات التفصيلية التي لا يسعها التقرير الذي حرصنا من خلاله على ذكر الملامح العامة وأبرز العملات والشخصيات التي ارتبطت بتاريخ العملة في عمان.
بدايات مبكرة
بدايات مبكرة
تنقل لنا كتب التاريخ بأن عُمان حازت أقدم دار إسلامية لسك وضرب العملة في شبه الجزيرة العربية، وكان اسمها مدوّنًا على أقدم عملة يتم ضربها، وهي الدرهم الفضي من عصر الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، في عام هـ81.
كما دخلت الدنانير الذهبية لأول مرة في تاريخ النقود العمانية في الربع الثاني من القرن الرابع الهجري، مما يعكس الازدهار العظيم الذي بلغته عمان في تلك الفترة، إلا الفضة قد ظلت تمثل المدن الشائع في سك النقود حتى الربع الأخير من القرن، ثم قل استخدامها بدءا من عام 386 هجرية.
وابتداءً من العام 314 هـ ظهر اسم حكام دولة بني وجيه لأول مرة على المسكوكات ابتداءً من يوسف بن وجيه ثم ابنه محمد بن يوسف بن وجيه، ثم عمر بن يوسف شقيق محمد، بينما يظهر على الظهر اسم الخليفة “المطيع لله” مع اسم السلالة “وجيه “، وتعد القطع النقدية العائدة لعمر أكثر ندرة من تلك العائدة لأخيه أو أبيه، وبعد انهيار دولة بني وجيه في منتصف القرن الرابع الهجري ومجيء القرامطة ظهر في عمان دينار يحمل اسم “علي بن أحمد” على الوجه و” المطيع لله´/ السيد” على الظهر.
و
ابتداءً من العام
314 هـ ظهر اسم حكام دولة بني وجيه لأول مرة على المسكوكات ابتداءً من يوسف بن وجيه ثم ابنه محمد بن يوسف بن وجيه، ثم عمر بن يوسف شقيق محمد، بينما يظهر على الظهر اسم الخليفة “المطيع لله” مع اسم السلالة “وجيه “، وتعد القطع النقدية العائدة لعمر أكثر ندرة من تلك العائدة لأخيه أو أبيه، وبعد انهيار دولة بني وجيه في منتصف القرن الرابع الهجري ومجيء القرامطة ظهر في عمان دينار يحمل اسم “علي بن أحمد” على الوجه و” المطيع لله´/ السيد” على الظهر.
وقد بدأ البويهيون بضرب النقود المعدنية في عمان سنة 362 هـ وكانت هذا النقود تحمل اسم أكبر الأمراء البويهيين على وجه العملة، وأسماء الخليفة ووالي البويهيين في بلاد فارس وولده ووالي عمان على الظهر، أما في القرن الخامس الهجري فإن أقدم قطعه نقدية تعود إليه هما درهمان من الفضة أمر بسكهما بهاء الدولة ويعود تاريخهما لسنة 401-403 هجرية، وكانت من الطراز البويهي الشائع، غير أن الكتابة عليها غير واضحة بشكل عام بسبب رداءتها، باستثناء التواريخ والكنية “أبونصر” التي استخدمها بهاء الدولة.
وفي القرن السابع الهجري نلمح إشاراتٍ متفرقة عن استخدام النقود المعدنية التي أصدرها سلاطين دلهي، حيث خضع شمال الهند للحكم الاسلامي، وقام حكام هذه المنطقة بأكملها بسك عدد كبير من العملات النحاسية والفضية بالإضافة الى كمية محدودة من العملات الذهبية، ونظرا للصلات التجارية بين عمان والهند فمن الطبيعي أن العملات النحاسية والفضية الهندية كانت شائعة التداول في الموانئ العمانية، كما أن هناك إشارة إلى ظهور عملات معدنية على الطراز الرسولي (الدولة الرسولية) في ظفار وأبرزها درهم على الطراز الرسولي التقليدي مؤرخ في 989 هجرية وموجود ضمن مجموعة الجمعية الأمريكية لقطع النقود في نيويورك، وفي القرن الثامن الهجري سكت أسرة بني رسول درهما فضيا له تصميم ونقوش اعتيادية يحمل على الوجه شهادة التوحيد بالإضافة الى أسماء الخلفاء الراشدين الأربعة أبوبكر وعمر وعثمان وعلي، أما على الخلف فيظهر اسم الحاكم وألقابه وتاريخ ومكان الضرب .
وفي الفترات اللاحقة ظهر العديد من العملات التي شاع تداولها في عمان نتيجة العلاقة التجارية الوطيدة مع العديد من الشعوب والدول التجارية، ومنها النقود الذهبية المصرية التي شاع تداولها بين التجار المقيمين في مدن الساحل، والنقود الهرمزية الفضية والذهبية الصغيرة الحجم.
عملات محلية متنوعة
عملات محلية متنوعة
وتشير بعض الكتابات الواردة في كتب التاريخ العماني عند حديثهم عن إنجازات دولة اليعاربة المعمارية إلى أن بعضها كلف “لكوكًا ” من الذهب والفضة، و”اللاك ” هو وحدة حساب هندية مما يوحي بأن النقود الهندية كانت العملة الرئيسية في عمان في ذلك الحين، كما تشير هذه الكتب وغيرها من كتب الفقه إلى العديد من أنواع النقود المعدنية التي شاعت في عمان في تلك الفترة وما تلاها كالفلس، والمحمدية، والمشخص، واللارية، والدانق، والشاخة.
دولار ماريا تيريزا
دولار ماريا تيريزا
وفي بداية القرن التاسع عشر تم استخدام عملتين رئيسيتين، هما الروبية الهندية ودولار ماريا تيريزا، وذلك نظرًا لأن شركاء عمان التجاريين الرئيسيين كانوا يتمثلون في شبه القارة الهندية وبلدان شرق إفريقيا، وكانت عملة ماريا تيريزا المعدنية الفضية قد ضربت في النمسا في عام 1780م، ولأن هذه القطعة الكبيرة ليست ضمن تشكيلة تضم فئات أصغر منها تسهل إجراء المعاملات المحلية، فقد كانت النقود القضية والنحاسية العائدة للهند أثناء الحكم البريطاني مقبولة في مسقط ومطرح لسد هذه الثغرة في غياب عملة وطنية.
ورغم قوة الإمبراطورية العمانية في عهد السيد سعيد بن سلطان والتي امتدت لتشمل سواحل شرق أفريقيا حيث انتقلت العاصمة العمانية إلى زنجبار، إلا أنه لم يتم سك النقود في عهد السيد سعيد وأبقى على استخدام دولار ماريا تريزا، إلا أن السيد برغش بن سعيد أصدر نقودًا في عهده، بعضها ذهبي، وبعضها فضي، كانت تضرب على منوال العملات المصرية، وتم سكها في دار الضرب ببروكسل ونقش عليها تاريخ 1299 هجرية. وتألفت تلك النقود من فئتين ذهبيتين، وهما الخمسة ريالات، والريالان والنصف، ثم تم إصدار ثلاث فئات صغيرة من العملات الفضية وهي: ريال واحد، وربع ريال، والبيسة المصنوعة من النحاس.
ظهور البيسة العمانية
ظهور البيسة العمانية
وعندما توقفت دار ضرب النقود في بومباي عن إنتاج النقود النحاسية في عام 1889م، أدى هذا إلى انقطاع تدفق العملات النحاسية عن عمان مسببا نقصا في النقود، فقام السلطان فيصل بن تركي بضرب عملة جديدة تتألف من فئتين هما البيسة والغازي، عن طريق دار الضرب في مسقط التي كانت واقعة في المنطقة الحكومية مقابل المحكمة الشرعية القديمة في المبنى الذي كان يضم أيضًا دائرة الجوازات، وكانت أول عملة ظهرت تحمل التاريخ 1311هـ.
ومع بداية عهد السلطان سعيد بن تيمور عام 1932 أمر بنقش الحرفين “س س” على نقود معدنية أمر بشرائها من دار الضرب في بومباي لتشكل عملة ثانوية لدولار ماريا تريزا، وهذه العملة من فئة البيسة مؤرخة بتاريخ 1315، وفي عام 1367هـ/1948م طلب السيد سعيد شراء أول عملة فضية لظفار حيث كان يقيم من دار الضرب في بومباي، مع بعض القطع الذهبية. وكتب على العملة الفضية والتي كانت من فئة نصف ريال ظفاري “السلطنة السعيدية”، وفي وقت لاحق أصدر سعيد بن تيمور نقودًا حربية لم يتم التداول بها إطلاقا. وفي عام 1958؛ أمر السيد سعيد بإصدار عملته الأولى المعدنية المماثلة لحجم الدولار، وهي الريال السعيدي.
الريال السعيدي
الريال السعيدي
واصلت السلطنة استخدامها للروبية الخليجية حتى مطلع عام 1970م، وبصدور مرسوم العملة رقم 1390، تم إدخال عملة عُمان الخاصة باسم (الريال السعيدي) وذلك اعتبارًا من 7 مايو 1970م. وبالتالي أصبح الريال السعيدي أول عملة ورقية عمانية، وقد قسمت العملة الجديدة (الريال السعيدي) إلى 1000 أجزاء متساوية، كل منها يسمى “بيسة” واحدة، كما تم إصدار أوراق نقدية جديدة من فئة 100 بيسة، وربع ريال سعيدي، ونصف ريال سعيدي، وريال ونصف، وعشرة ريالات سعيدية، بينما ضربت النقود المعدنية من فئات بيستين ونصف، و25 بيسة، و50 بيسة، و100 بيسة.
عصر النهضة
عصر النهضة
وفي عام 1972م أصبحت السلطنة عضوًا في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير (البنك الدولي)، وتم في العام نفسه إصدار مرسوم العملة رقم 1392 بإدخال وطرح العملة الجديدة باسم (الريال العماني) الذي يتم تداوله حتى الآن، وتم استبدال (سلطة نقد مسقط) (بمجلس النقد العماني)، وللعملة الجديدة نفس قيمة وفئات الريال السعيدي، وبحلول عام 1973م توسعت الأنشطة المصرفية في البلاد مع زيادة كبيرة في المعاملات بين البنوك، وبالتالي برزت الحاجة لغرفة مقاصة لتسوية الشيكات بين البنوك، كما تم إصدار (مرسوم عملة) ثالث في عام 1974م لتخويل المجلس سلطة أداء وظائف المقاصة بتأسيس غرفة للمقاصة. وعليه ظهرت غرفة المقاصة إلى حيِز الوجود في 18 فبراير 1975م وذلك بعد إنشاء البنك المركزي العماني في الأول من ديسمبر من عام 1974م، على الرغم من أنه بدأ عملياته في الأول من أبريل عام 1975م.
المراجع:
المراجع
:
1- النقود في عمان. مقال منشور في ملحق أشرعة، 17أبريل,2016 http://alwatan.com/details/108297
1-
النقود في عمان
.
مقال منشور في ملحق أشرعة،
17
أبريل,2016
http://alwatan.com/details/108297
2- تاريخ النقود في سلطنة عمان، مقال منشور في مجلة نزوى، 1 أكتوبر،1998، https://www.nizwa.com/
2-
تاريخ النقود في سلطنة عمان، مقال منشور في مجلة نزوى،
1
أكتوبر،1998،
3- موقع البنك المركزي العماني الإلكتروني. https://cbo.gov.om/ar/Pages/CurrencyGallery.aspx
3-
موقع البنك المركزي العماني الإلكتروني.
https://cbo.gov.om/ar/Pages/CurrencyGallery.aspx
- الصور من أرشيف متحف العفية التراثي، وأرشيف الباحث جمال بن محمد الكندي، وشبكة المعلومات العالمية.
الصور من
أرشيف متحف العفية التراثي، وأرشيف الباحث جمال بن محمد الكندي، وشبكة المعلومات العالمية.