أثير – ريما الشيخ
منذُ عشرينيات القرن الماضي ازداد إقبال المتسلقين لجبل إيفرست (أعلى قمة جبل على وجه الأرض) رغبة في الوصول إلى قمته، ففي عام 1953 وصل الإنجليزي إدموند هيلاري بعد محالته الثانية فكان أول من وصل إلى قمة الجبل، أما جونكو تابي فكانت أول امرأة تصل إلى قمة جبل إيفرست عام 1975.
منذ ذلك إلحين: أصبح تسلق جبل إيفرست حلمًا يطمح الكثير من المغامرين لتحقيقه، فمنهم من فشل ومنهم من دفع حياته ثمنًا لذلك، ولكن هناك من كان يطمح بالوصول لقمة الجبل من عماننا الحبيية كما فعل المرحوم المهندس خالد بن سليمان السيابي، الذي كان أول عماني تسلق قمة إيفرست عام 2010.
مؤخرًا، تمكنت العمانية نظيرة بنت أحمد الحارثية مديرة دائرة المواطنة بوزارة التربية والتعليم، الحاصلة على شهادة الماجستير في الجغرافيا من تسلق قمة جبل إيفرست كأول عمانية تحقق ذلك.
وعن هذه المغامرة، قالت نظيرة الحارثية في تواصل لـ “أثير” معها ” تسلق جبل إيفرست بدأ كحلم أو أمنية بعد مقابلتي للمرحوم المهندس خالد السيابي قبل 3 سنوات، فقد كان يروي لي قصة تسلقه لجبل إيفرست لِضمها في كتاب مدرسي، فرأيتُ نفسي من خلال هذه القصة على قمة هذا الجبل وطلبت منه إرشادي للتسلق وما هي المتطلبات والأدوات اللازمة والتدريبات أيضًا للتسلق، وبعد فترة وجيزة بدأنا بالتحضير للتدريبات المناسبة واتبعتُ كل نصحية قالها لي، فكان هو بالنسبة لي بمثابة المعلم والمدرب خلال تلك الفترة، رحمة الله عليه.
وأوضحت الحارثية بأن أول رحلة تسلق للجبال كانت لمهمة عمل ولم تكن لها علاقة بالتسلق كهواية شخصية، حيث أفادت بأنها كانت في مهمة عمل مع مجموعة من الطلبة والطالبات في السلطنة ضمن برنامج عالمي اسمه (كلوب) في عام 2015، يهدف هذا البرنامج إلى رفع قياسات بيئة معينة أثناء التسلق وكان في جبل كليمنجارو في شمال شرق تنزانيا والذي يعد الأكثر ارتفاعًا في أفريقيا، فتأثرت فعلًا من تلك الرحلة خاصة من الناحية الروحانية وبالجبال وكيفية صعودها ” لكنني لم اتخذ إي إجراء للاستمرار في هذا المجال بتلك الأيام”.
وأضافت: بعد الانتهاء من التجهيزات اللازمة، توجهنا إلى العاصمة النيبالية كاتماندو وبعدها إلى مدينة لوكلا، حيث تمتلك هذه المدينة أخطر مطار في العالم، إذ إن الهبوط فيه يتطلب مهارات عالية وشجاعة كبيرة من الطيارين تشبه شجاعة ومهارة المتسلقين وهبوطهم. وعند الوصول بدأنا بالمشي لمدة 10 أيام وصولًا للمخيم الرئيسي لإيفرست الذي مكثنا به لمدة 45 يومًا، حيث عملنا الكثير من التدريبات والتسلق لكي نتهيأ للمرحلة الأخيرة التي أنجزت خلال سبعة أيام للوصل إلى قمة الجبل.
وعن رأيها بخصوص قدرة النساء على التحمل أكثر من الرجال، أجابت نظيرة: نعم بالفعل، النساء لديهن قدرة كبيرة على التحمل في مثل هذه المهام وقد أثبتنا نحن كفريق يضم أربع نساء، قدرتنا على التسلق ووصلونا للقمة، رغم أن الأغلبية كان يشك بقدرتنا وعدم إمكانيتنا للوصول، ولكن بعد تحقيقنا هذا النجاح أشاد الجميع بعملنا وقدرة تحملنا للصعوبات والتحدي وسط ظروف مناخية قاسية ومنحدرات ثلجية خطيرة، نعم قدرة المرأة على التحمل كبيرة جدًا سواء من الناحية الجسدية أو العقلية أو الذهنية.
وبيّنت الحارثية الصعوبات التي واجهتها وهي العيش بالخيم لمدة شهرين وهو شيء ضروري ومُتطلب حتى نعطي للجسم التأقلم مع انخفاض الأوكسجين والضغط الجوي، فالوجود المفاجئ بمناطق مرتفعة جدًا دون التدريب وتعويد الجسم ، قد يسبب بنتائج سلبية بعدم تقبل الجسم على المكان أو البيئة وبالتالي ينتج عنه أمراض مختلفة قد تصيب الإنسان.
وأضافت: العيش بخيمة يعني أنك ستعيش أساسيات حياة بسيطة جدًا يجب التعود عليها خلال تلك الفترة، وكما نعلم أن الإنسان متعود على نوعية معينة من الحياة، وبشكل مفاجئ يعيش في بيئة مختلفة تمامًا بأشياء بسيطة جدًا، لكن كل هذا يهون إذا كنا متماسكين بحلمنا ومؤمنين بأننا نسعى لهدف أسمى.
يذكر أن رياضة تسلق الجبال مكلفة جدًا، فقد كلفت هذه الرحلة الكثير رغم وجود شركات مساهمة بمبالغ ولكن كان الجزء الأكبر على نفقتها الخاصة، حيث جهزت الفاضلة نظيرة كل ما يُلزم من لبس وأدوات وكذلك التسجيل في الشركة وكل المتطلبات الأخرى.
وتصف الفاضلة نظيرة شعورها كونها أول عمانية تصل لقمة جبل إيفرست بقولها: في بداية الأمر لم أكن أهدف لأكون أول عمانية تصل لقمة جبل يإفرست، ولم يكن لدي أي معلومة عن الإحصائيات حول هذا الأمر، ولكن بعد هذا النجاح حمدتُ الله وشكرته، فهذا الإنجاز وطني وليس شخصيًا، فأنا سعيدة بهذا اللقب وإن شاء الله أكون بقدر هذه المسؤولية.
ونصحت الحارثية الجميع بأن يكون لديهم أهداف وأحلام خاصة للعمل بها، وبالرغم من الأعمال اليومية، عليهم بأن لا ينسوا طموحاتهم وإيجاد شيء يطور مهاراتهم ويحفزهم ويعطيهم الدافع والسبب للاستيقاظ كل يوم واثقين بأنهم قادرون على إنجاز شيء تفخر به البلد.
وتختم الفاضلة نظيرة الحارثية حديثها بقولها: أشكر أهلي الذين احترموا غايتي وحلمي رغم عدم تقبلهم ببداية الأمر لهذا النوع من الهواية لخطورتها خاصة، فسُبل الأمان بها ضعيفة جدًا واحتمالية الإصابة عالية أيضًا، كما وجهت شكرها أيضًا لـ “أثير” على اهتمامها ومتابعتها لإنجازات الشباب العماني، والشكر موصولًا لكل من ساندها بهذه المهمة.