فضاءات

موسى الفرعي يكتب: السقوط المدوّي لصحيفة العرب وأوثانها

موسى الفرعي يكتب: السقوط المدوّي لصحيفة العرب وأوثانها
موسى الفرعي يكتب: السقوط المدوّي لصحيفة العرب وأوثانها موسى الفرعي يكتب: السقوط المدوّي لصحيفة العرب وأوثانها

أثير- موسى الفرعي

التخبط العشوائي دائما ما ينتجه الفشل والإخفاق أو التفكير في لحظات الخوف من أمر ما، وها هي صحيفة “العرب” تمرر مقابل لقمة العيش مقالا لـ سالم حميد عنوانه “ستار الدبلوماسية العمانية المرتجفة لخدمة توجهات إيران”، وما عاد يخفى على أحد أن صحيفة العرب مملوكة من قبل “أبوظبي” ولذلك تُعدُّ أحد الحبال الذي ينشر عليه غسيل السقوط والهوان، وإحدى المحاولات الفاشلة لتغيير مسار الحقائق، إنها إذًا ابنة هذه المرحلة الحرجة من تاريخ منطقتنا، لكن السؤال؛ هل يستحق هذا الأمر أن يكون متاجرة بشرف المهنة والقيم، أما من ناحية المحرّك والأنبوب المالي؛ هل هذا الأمر يعادل كل هذه التكلفة المادية والأخلاقية؟ إن الاعتراف بالفشل ليس سقوطا والاعتذار صفة كريمة.

أما رئيس مركز المزماة للدراسات والبحوث في ” دبي ” سالم حميد كاتب المقال المشار إليه فهو إنسان يستحق الشفقة ليس أكثر لأنه عبر تلقينه بعض الكلمات مطالب بطرح الأكاذيب لدرء فشل وإخفاق التحالف العربي في اليمن، لكنه يفعل ذلك في الوقت الذي يبصر فيه كل إنسان من أقصى الكرة الأرضية حقيقة ما يحدث، واقتناع المجتمعات الإقليمية والدولية بفشلهم، إلا إن كانت النجاحات والإنجازات وحكمة الدبلوماسية تقاس لديه بكمية دماء الأبرياء والتلذذ بمرأى الفقر والمرض والجوع الذي يستشري في اليمن العظيم ويأكل من مفاصله أكثر فأكثر بسبب هذا الذي يسميه التحالف العربي، وأما عمان فهي مع كل تحالف إنساني يقود إلى سلام عادل، وكل تحالف عربي ضد أي انتهاكات للكرامة العربية، لكنها ليست إسفنجة سياسية لتمتص نتائج الممارسات الخاطئة غير المحسوبة، وليست حدثا سياسيا طارئا لتنقاد وراء النزق السياسي الحديث، هي تاريخ ضارب في عمق الوجود البشري وحاضر سياسي ثابت المبادئ لا يساوم على قيمه وشرفه ولا يقدم أي تنازلات حين يتعلق الأمر بكرامة الأرض والإنسان.

كيف يمكن للببغاوات الإعلامية إقناع العالم ببعض دروس الإنشاء أن الجثث المعلقة كالأغلال على عنق القاتل هي أساور وحلى، وبأن التخريب والتمويل الإرهابي والتخابر العربي ضد المقدسات والمصالح العربية لصالح الشيطان هو صلاة وتهجد ودفاع عن الكرامة العربية، كيف يمكن إخفاء الحقائق وقد افتضح الأمر على مستوى عالمي… كيف …!! كيف يمكنها أن تقنع العالم بأن الهامش السياسي لا يمكنه أن يهز المتن، وأن لعب الأطفال لا يتجاوز إيذاء أنفسهم، وأن الدور العماني أكبر بكثير من أن يطاله قصار القامة، أو أن تشوهه أقلام الكافرين بأصولهم التائهين في مفازات لا نجاة لهم من عذاباتها، ولذلك قلت في البدء إن سالم حميد ومن هم على شاكلته يستحقون الشفقة أكثر من أي شيء آخر، لأنه مطالب أن يقدم في هذا العصر المعجزات وخوارق الأمور، لذلك فإن الحديث هنا ليس نسفا لادعاءات صحيفة العرب وكاتبها فكل من يقرأ يدرك هشاشة الادعاء القارض، فلا مجال لمواجهة الحجة بالحجة لأن حراك الدبلوماسية العمانية دائما ما يكون تحت الضوء وليس في الغرف المغلقة الباردة، وهو حراكٌ العالم كله يشير إليه بإجلال وتقدير على مرأى ومسمع الإعلام العربي والدولي “إلا القلة الكافرة به لأنها تراه لكنها لا تريد تصديق ما ترى”، كما لا يمكن أن نضع الحق والباطل والصدق والافتراء والجرأة والجبن والصفاقة والتأدب في سلة واحدة وبمنزلة واحدة.

إن أكثر ما يثير الغرابة استماتة حكومة ما لصناعة شعب مدمن على الخنوع والقذف وتزوير التاريخ وتدليس الحقائق واقتتال الأخوة وكأن ذلك كله من طبائع الأمور، لكن هنا ما يكفي من الضوء الفاضح إن سُلِّطَ على ساحاتِ السوءِ الظالمة المظلمة، ومن المناجل ما يكفي لحشِّ الأعشاب الزائدة المريضة، وما يكفي من باقات المحبة لتحقيق سلام عادل وحب متبادل، فاختاروا لأنفسكم بأنفسكم، وكل نفس بما كسبت رهينة.

يقول الحق تعالى:
“وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ . مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ” (إبراهيم:42، 43).
صدق الله العظيم.


Your Page Title