مسقط-أثير
زاره: د. محمد بن حمد العريمي
تعدّ المتاحف من ضمن ذاكرة الشعوب التي تحفظ للأجيال القادمة نتاج ما قدّمه أهلها من إنجازات حضارية في مختلف المجالات، وما تميّزت به الدول والمدن المختلفة من مفردات ثقافية كان للموقع وطبيعة المكان دورٌ كبير في صنعها
وتعد مدينة صور من ضمن الموانئ التي تزخر بتراثٍ بحريّ عريق يبرز الدور الريادي والحضاري الكبير الذي لعبه العمانيون في مجال الملاحة البحرية خلال حقبةٍ طويلة من الزمن، تمثلت مفرداته في جانبين: مادي، ومعنوي، من خلال المصطلحات والفنون وأنماط الملابس والأطعمة، ونوع العمارة المستخدمة، والصناعات المرتبطة بالبحر، والتي تدل على مدى العمق الحضاري لهذه المدينة، والعلاقات التي ربطت أهلها بكثير من الموانئ التي كانت تصل إليها سفنهم.
وتعد
مدينة صور
من ضمن الموانئ التي تزخر بتراثٍ بحريّ عريق يبرز الدور الريادي والحضاري الكبير الذي لعبه العمانيون في مجال الملاحة البحرية خلال حقبةٍ طويلة من الزمن، تمثلت مفرداته في جانبين: مادي، ومعنوي، من خلال المصطلحات والفنون وأنماط الملابس والأطعمة، ونوع العمارة المستخدمة، والصناعات المرتبطة بالبحر، والتي تدل على مدى العمق الحضاري لهذه المدينة، والعلاقات التي ربطت أهلها بكثير من الموانئ التي كانت تصل إليها سفنهم.
ونتيجةً لهذا الدور، ونظرًا لحجم الإنجاز، فقد كان لزامًا وجود حاضنة ثقافية تحافظ على ما تبقى من ذلك الإرث، وتنقله للأجيال القادمة كي يكونوا على اطّلاع بما صنعه الأجداد، فكانت المبادرة الأولى هي إنشاء متحف نادي العروبة عام 1988م بجهود فردية خاصة، وتبرع من أهالي المدينة، ودور واضح للباحث ربيع بن عنبر العريمي، ودعمٍ من إدارات النادي وعددٍ من رجال الأعمال والمهتمين، واحتوى على مجموعة من الأدوات التي تعكس نتاج الماضي العريق، مثل أنواع السفن العمانية بالصور والمجسمات، وصور لقباطنتها والبحارة وصناع السفن، والمواني التي كانت ترتادها بالإضافة إلى المعدات وأدوات الملاحة البحرية من قياسات وخرائط ومخطوطات، بالإضافة إلى نماذج من أنماط الحياة التقليدية في المدينة كالنشاط الزراعي، والفنون، ووسائل العلاج، والملابس المستخدمة، ونماذج من الأدوات المستخدمة في الحياة اليومية.
ونظرًا لحاجة المدينة إلى مركز ثقافي يكون أكثر شمولًا، ويحقق أغراضًا ثقافية مختلفة، ويوفر مكانًا أكثر ملاءمة لعرض مفردات تاريخ المدينة العريق، فقد تم إنشاء (مركز فتح الخير) قريبًا من مكان رسو سفينة (فتح الخير) أيقونة المدينة ورمز نشاطها البحريّ المهم، وآخر سفينة غنجة باقية في سلطنة عمان، وذلك ليكون مركزًا ثقافيًا متكاملًا يقدم خدماتٍ عديدة تتجاوز عرض الأدوات التراثية فقط لينطلق إلى أدوارٍ أكبر في مجال الندوات والورش والمحاضرات وغيرها.
واعتمد المركز الجديد في أساسه على مجموعة مهمة من الأدوات التي كانت معروضة في متحف نادي العروبة البحري، حيث تم ترميم أكثر من 400 قطعة متنوعة تختص بتراث ولاية صور من أدوات صناعة السفن، ونماذج سفن، وأدوات الملاحة، وصور فوتوغرافية، وكتب ورسائل ومطبوعات، وأدوات منزلية، وملابس وإكسسوارات، وأدوات ومواد حرفية، وغيرها.
وأتى افتتاح المركز الذي موّل مشروع إنشائه، الشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال، وبلغت تكاليف إنشائه نحو ٤٥٠ ألف ريال عماني، في الأول من نوفمبر عام 2021م تحت رعاية سعادة الدكتور يحيى بن بدر المعولي محافظ جنوب الشرقية.
أقسام المركز
يضم المركز في مجمله ٥ قاعات، تسعى إلى استيعاب أكبر قدرٍ من مفردات المدينة الثقافية المختلفة التي لم تقتصر على جانب الملاحة البحرية فقط، بل تعدتها لجوانب حضاريةٍ أخرى، وهذه القاعات كالآتي:
مقدمة عن ولاية صور:
وتركز هذه القاعة على إعطاء الزائر مقدمة عن ولاية صور من خلال عرض صور قديمة للمواقع الأثرية، القلاع، الحصون، الأبراج، وغيرها من المواقع التراثية.
قاعة الإرث البحري:
تعرض هذه القاعة لنماذج من التراث البحري الذي اشتهرت به ولاية صور قديماً وما تزال، ومنها صناعة السفن التقليدية، من خلال عرض أدوات صناعة السفن، أدوات وأجزاء من السفينة، نماذج السفن التقليدية، وأدوات الملاحة.
ويمكن لزائر هذه القاعة أن يشاهد على جانبها صورًا لعددٍ من البحارة وقباطنة السفن (النواخذه) الذين قادوا السفن العمانية إلى سواحل الدول الأخرى لتكون صورهم خالدة في أذهان الأحفاد والأجيال القادمة وصور للموانئ التي كانت ترتادها هذه السفن.
قاعة آخر غنجة في عمان:
تعد سفينة (الغنجة) من أبرز السفن الخشبية التي استخدمها العمانيون بشكلٍ عام وأهل صور بشكلٍ خاص في الملاحة البحرية، وتتميز بشعارها الفريد في مقدمتها الذي هو عبارة عن طائر الهدهد وتاج ومنقار وقرنين يتجهان إلى الأمام، بالإضافة إلى النقوش والكتابات التي تميز الجانب الخلفي منها.
وقد خصصت هذه القاعة لعرض تاريخ سفينة فتح الخير منذ صناعتها في عام 1951م إلى قصة إعادتها إلى ولاية صور عام 1993م وتفاصيلها الجمالية، ونبذة عامة عن سفينة الغنجة، ويشمل العرض صورًا للسفينة وأهم ما يميزها، وعرض مجسم لسفينة الغنجة.
وكانت (فتح الخير) قد صنعت عام 1370 هـ الموافق 1951 م بحي الرشة بمدينة صور، وأشرف على صنعها الوستاد المعروف محمد بن خميس الشقاق، وتعود ملكيتها للنوخذا سعيد بن خميس ولد شيلة القاسمي، وتولى قيادتها عدد من النواخذة منهم عبدالله بن راشد بن سعيد مهنا السناني وسعيد بن مبارك العتيقي، ويقال إن سبب تسميها بهذا الاسم هو تفاؤلًا بمساعيها التجارية، ونزول المطر في اليوم الأول لصناعتها، وقد عملت فتح الخير 43 سنة جابت خلالها موانئ عديدة، وتنقلت بين عددٍ من الملّاك في صور ودبي واليمن.
وقد عادت السفينة إلى صور مطلع التسعينات من القرن العشرين، وموّل عملية عودتها عدد من تجار المدينة المعروفين، وأرسيت بعد وصولها في الخور المقابل للحي الذي شهد (وشارها).
قاعة (ثقافة مستمرة):
تعرض هذه القاعة لمجموعة من المقتنيات التي تميز البيت الصوري والتاريخ غير المادي وبعض مفردات الثقافة المحلية بصور من خلال عرض الأدوات المنزلية كالأواني الفخارية، والأواني المستخدمة في الطهو والشرب، والأغراض المنزلية بمختلف أصنافها، والسعفيات والمهن التقليدية، والأزياء الصورية الرجالية والنسائية والأطفال وأكثرها من صناعة النسيج المحلي.
كما ألحقت بها قاعة عرض مرئي تعرض مواد فيليمية مسجلة لعدد من الموضوعات المرتبطة بالفنون، والملاحة، والفلكلور المحلي، وغيرها، ويمكن للزائر الجلوس في أماكن مخصصة ومتابعة تلك العروض.
قاعة (مغامرات سندباد):
خصصت هذه القاعة لتقديم برامج التعلم للأطفال والتي من خلالها يتعلم الطفل العديد من المهارات من خلال الورش التعليمية، وعرض مواد فيلمية، وبعض النماذج المصغرة لمقتنيات المركز حيث يمكن للأطفال التفاعل معها من خلال اللمس وإعادة تركيبها، كما يتم توزيع عدد من الأوراق التي تحوي أسئلة خاصة بالمعلومات عن تاريخ المدينة يمكن معرفة إجاباتها من خلال التجوال في قاعات المركز المختلفة، والهدف منها ربط الصغار بالثقافة المحلية والإرث التاريخي الخاص بالمدينة، ولتعويدهم على التركيز وتدوين المعلومات المهمة أثناء دخول المتاحف والمعارض المختلفة.
ساحة المركز:
تحتوي الساحة الخارجية للمركز على سفينة فتح الخير بالإضافة إلى قوارب تقليدية أخرى متنوعة.