أخبار

قراءة قانونية في حادثة إطلاق النار بالوادي الكبير

Atheer - أثير
Atheer - أثير Atheer - أثير

أثير- المستشار القانوني صلاح بن خليفة المقبالي

نستهل زاويتنا القانونية عبر “أثير” بكلماتٍ خالدة من إرث المغفور له بإذن الله السلطان قابوس بن سعيد “إن التطرف مهما كانت مسمياته والتعصب مهما كانت أشكاله والتحزب مهما كانت دوافعه ومنطلقاته نباتات كريهة سامة ترفضها التربة العمانية الطيبة التي لا تنبت إلا طيبا ولا تقبل أبدا أن تلقي فيها بذور الفرقة والشقاق”.

إن الأحداث المؤسفة التي وقعت في الوادي الكبير ليل الاثنين وفجر أمس الثلاثاء وما نتج عنها من وفيات وإصابات وفق بيان شرطة عمان السلطانية؛ صاحبها مخالفات قانونية جسيمة من مستخدمي ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بجانب الجرائم الرئيسية التي كانت سببا في وقوع تلك الضحايا.

أولًا: تصوير المركبات العسكرية

إن تصوير المركبات العسكرية والأمنية وتحركاتها يُعدّ من الجرائم الماسّة بأمن الدولة من جهة الداخل حيث جاء في المادة (٨٩) من قانون الجزاء العماني: يعد من أسرار الدفاع :
ج- الأخبار والمعلومات المتعلقة بالقوات المسلحة وقوات الأمن ومواقعها وتشكيلاتها وتحركاتها وعتادها وتموينها وأفرادها، وغير ذلك مما يمس الشؤون العسكرية والخطط الحربية والأمنية، ما لم يكن قد صدر إذن كتابي من السلطات المختصة بنشره أو إذاعته.


ثانيًا : العصيان المسلح ضد سلطات الدولة

الاشتباكات التي وقعت ما بين الجناة والقوات الأمنية ما هو إلا عصيان مسلح ضد سلطات الدولة ممثلة بالقوات الأمنية للدولة، وإصرار الجناة على إطلاق الأعيرة النارية على القوات الأمنية فيه دلالة واضحة على التخطيط المسبق لهذه الجريمة التي لم تكن وليدة اللحظة؛ فعقوبة ذلك وردت في المادة (١٠٦) من قانون الجزاء التي تنص على:”يعاقب بالسجن المطلق كل من شرع في إثارة عصيان مسلح ضد سلطات الدولة، أو اشترك في مؤامرة أو جماعة تكونت لهذا الغرض.
وتكون العقوبة الإعدام إذا أدى العصيان إلى اصطدام مسلح مع قوات الدولة، أو أفضى إلى موت إنسان.
وفي جميع الأحوال يعاقب بالإعدام، أو السجن المطلق مدبر العصيان، والمحرض عليه، ومن تقلد فيه قيادة بأي شكل كان.
ويعد العصيان مسلحا، ولو كانت الأسلحة المعدة له موضوعة في أحد المستودعات، ومهيأة للاستعمال”.



ثالثًا: إثارة النعرات الدينية والمذهبية

وفقا للنظام الأساسي للدولة؛ الإسلام هو دين الدولة والشريعة الإسلامية هي مصدر التشريع. كما يحظر التمييز على أساس الدين، وأكد النظام الأساسي للدولة حرية ممارسة الشعائر الدينية ما لم يزعزع النظام العام للدولة، إلا أن أحداث الوادي الكبير قد فتحت الباب على مصراعيه لاحتمالية وجود شبهة جنائية في إثارة النعرات المذهبية فيما بين الجاليات الأجنبية؛ وحيث إن اثارتها توجِد الفتن والبغضاء والكراهية وقد تؤدي في نهاية المطاف إلى إزهاق أرواح الأبرياء.
وانطلاقا من النهج العماني الأصيل؛ جاء قانون الجزاء العُماني صارمًا في كل من تسول له نفسه في العبث بأمن البلد من ناحية إثارة النعرات المذهبية والدينية وبث الفتن والكراهية والبغضاء سواء كان مواطنا أم مقيما على هذه الأرض المباركة التي لا تنبت إلا طيبا؛ فنصت المادة (١٠٨) من القانون :”يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن (٣) ثلاث سنوات، ولا تزيد على (١٠) عشر سنوات كل من روج لما يثير النعرات أو الفتن الدينية أو المذهبية، أو أثار ما من شأنه الشعور بالكراهية أو البغضاء أو الفرقة بين سكان البلاد، أو حرض على ذلك.
ويعاقب بذات العقوبة كل من عقد اجتماعا أو ندوة أو مؤتمرا له علاقة بالأغراض المبينة في الفقرة السابقة، أو شارك في أي منها مع علمه بذلك.
ويعتبر ظرفا مشددا إذا وقعت الجريمة في إحدى دور العبادة، أو المنشآت الرسمية، أو في المجالس والأماكن العامة، أو من موظف عام أثناء أو بمناسبة تأدية عمله، أو من شخص ذي صفة دينية أو مكلف بها”.



رابعًا: نشر الشائعات وحركة المركبات العسكرية عبر وسائل التواصل الاجتماعي

يُعدّ تصوير نقاط التفتيش والتحكم وحركة المركبات العسكرية والأمنية وإعادة نشر ما تم تصويره في وسائل التواصل الاجتماعي مخالفًا لقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات وفقًا لنص المادة (١٩) التي جاءت العقوبة فيها بـ “السجن مدة لا تقل عن (١) سنة ، ولا تزيد على (٣) سنوات، وبالغرامة لا تقل عن (١٠٠٠) ألف ريال ولا تزيد على (٣٠٠٠) ثلاثة آلاف ريال عماني أو بإحدى هاتين العقوبتين”؛ كون هذا الفعل يمس بالنظام العام للدولة”
ويُقصَد بالنظام العام بأنه “مجموعة القواعد والوسائل الأمنية التي توفّر الحماية العامة للمواطنين وجميع الأفراد والمجتمع عامة الذين يوجدون على أرض الدولة، والتي يترتب على غيابها انهيار المجتمع ككل، ويتكون من ثلاثة عناصر (الأمن، السكينة، الصحة).


كما أن العقوبة ذاتها أعلاه تنطبق على كل من ينشر الإشاعات والأخبار الكاذبة دون التأكد من مصداقيتها وصحتها أو استقائها من القنوات الإخبارية الرسمية للبلد، وما يزيد الوضع سوءًا قيام بعض نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي في التسابق لنشر ما هو جديد عن الحادثة بدون تروٍ أو تحرٍ؛ الذي أدى الى إيجاد هلع وخوف في نفوس الذين يُشاهدون أو يسمعون تلك الأخبار والأرقام غير الدقيقة.

Your Page Title