أثير- تاريخ عمان
إعداد: د. محمد بن حمد العريمي
قبل أربعين عامًا من الآن، وتحديدًا في يوم التاسع من ديسمبر عام 1984م افتُتح في الحي التجاري تحت رعاية صاحب السُّمو السيد فهد بن محمود آل سعيد، وبحضور عدد كبير من الشخصيات الاقتصادية والسياسية ورجال الأعمال، المبنى الحالي لغرفة تجارة وصناعة عمان الذي استطاع بفضل ما يحتويه من قاعات وتجهيزات وإمكانات ووسائل كبيرة أن يمكّن الغرفة من أداء دورها بالصورة المعهودة.
“أثير” تقترب في هذا التقرير من كواليس إنشاء هذا الصرح الحضاري المهم الذي يعد علامة معمارية مهمة وسط الحي التجاري في منطقة روي، حيث ستتبع مراحل إنشائه، وأقسامه المختلفة، وكواليس حفل افتتاحه، والجهود التي بذلت لتمويله.
البدايات
عندما تأسست غرفة تجارة وصناعة عمان في 15 مايو عام 1973 لم يكن لها مقر رسمي معيّن، وقد تم تخصيص مكتبٍ لها في بناية تابعة لمعالي محمد بن الزبير بن علي بمسقط كي تكون مقرًا للغرفة وكذلك لجنة حسم المنازعات التجارية.
وقد ظل مقر الغرفة في ذات المبنى حتى منتصف الثمانينيات من القرن الماضي حين تم افتتاح المبنى الجديد للغرفة في الحي التجاري بتاريخ 9 ديسمبر 1984م.
ولاختيار مقر مبنى الغرفة الحالي قصة، فعندما تقرر إنشاء مقر خاص بغرفة تجارة وصناعة عمان، اقترح معالي محمد بن الزبير أن يكون المبنى الجديد بالقرب من وزارة التجارة والصناعة التي كان وزيرًا لها، وذلك بسبب وجود جهاز حاسب آلي تابع للوزارة، وكانت هناك رغبة في إلزام أصحاب الأنشطة التجارية بالانتساب للهيئة، وهذا يعني وجود أدوات تسهّل من عملية التسجيل، لذا أقيم المبنى الجديد بالقرب من الوزارة التي قامت بالإسهام في إنشاء هذا المبنى من خلال تقديم دعم مادي معيّن.
قرار الإنشاء وتبرّع السلطان
عندما تقرّر إنشاء مقر جديد لغرفة تجارة وصناعة عمان أعطى السلطان قابوس بن سعيد طيّب الله ثراه توجيهاته السامية بأن تُمنح الغرفة قطعة أرض بمنطقة المطار القديم تبلغ مساحتها (4000) آلاف متر مربع لإقامة المبنى، كما قدّم شيكًا بقيمة (100) ألف ريال عماني من جيبه الخاص للإسهام في أعمال تشييد المبنى.
مسابقة لتصميم المبنى
في بداية عام 1981 تم طرح مسابقة أو مناقصة لتصميم المبنى، حيث فازت شركة أيوب وغانا في المسابقة، وتكوّن المخطّط وقتها من 6 طوابق على مساحة قدرها (7000) متر مربع، بحيث يحتوي على شقق، ومكتبة، ونادي لأعضاء الغرفة، وسوق، ومعرض كبير، إلى جانب صالات عرض أخرى، ومكاتب الغرفة، وقد قدّرت التكلفة الأولية للمبنى بحوالي مليون ونصف مليون ريال قابلة للزيادة.
توقيع اتفاقية الإنشاء
في سبتمبر من عام 1982 تم التوقيع على اتفاقية إنشاء مبنى الغرفة الجديد بحيث تكلّف حوالي مليونين ومائتي ألف ريال عماني، على أن يتم تسليم المبنى الجديد الذي سيقام على أرض المطار القديم بجوار البنك المركزي على مساحة 1700 متر مربع، بعد (76) أسبوعًا من تاريخ توقيع العقد، على أن يضم المبنى قاعة ضخمة للاجتماعات وتتسع لحوالي (150) مقعدًا، كما سيضم ناديًا صغيرًا لأعضاء الغرفة، فضلًا عن حجرات المكاتب وقاعات المعارض.
افتتاح المبنى
تم افتتاح مقر غرفة تجارة وصناعة عمان في يوم التاسع من ديسمبر عام 1984م تحت رعاية سمو السيد فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء للشؤون القانونية وقتها، نيابةً عن السلطان قابوس بن سعيد، وبحضور عدد من أصحاب السمو والمعالي والسعادة ورجال الأعمال وغيرهم من الحضور.
وخلال الاحتفال قدّم سمو راعي الحفل عددًا من الهدايا التذكارية التي قدّمتها الغرفة لمجموعة من الشخصيات البارزة تقديرًا لدورهم في دعم مسيرة الغرفة. كما سجّل سموّه كلمة في سجل تشريفات الغرفة هنّا فيها رئيس وأعضاء الغرفة بالانتقال إلى المبنى الجديد للغرفة. كما أعرب عن أمله في أن تضطلع الغرفة في المرحلة المقبلة بجهد أكبر يوجّه اهتمام القطاع الخاص لزيادة مشاركته في المشاريع الإنتاجية التي تخدم أهداف التنمية.
أقسام المبنى
يعد مبنى غرفة تجارة وصناعة عمان صرحًا معماريًا مميزًا وقد ضم عند افتتاحه عددًا من الأقسام التي توزعت على ثلاثة طوابق، وطابق أطلق عليه وقتها (الطابق المسحور) يقع ما بين الطابقين الأرضي والأول، ويضم الطابق الأرض بهو استقبال ودخول. كما تزينت جدران المدخل بلوحة فسيفسائية زرقاء تجسّد التاريخي البحري العريق لسلطنة عمان.
أما الطابق الأول فيضم عددًا من الأقسام من بينها المكتبة وقاعة الاطلاع وقد صمّمت لتضم العديد من الكتب والمراجع الاقتصادية والتجارية والقانونية، والمجلات والنشرات التي لها علاقة بالاقتصاد والأعمال، وملحق بالمكتبة قسم اطلاع وإعارة، وأقسام أخرى للأدلة التجارية.
ويضم الطابق الأول كذلك صالة التوثيق التي تقدم خدمات التوثيق والتسجيل للأعضاء أو المنتسبين، ولها مدخل خاص من خارج مبنى الغرفة ومكان مريح للانتظار واستقبال أصحاب العلاقة لإنهاء المعاملات، كما يوجد أرشيف كبير لحفظ الأوراق والمستندات الخاصة بأعضاء الغرفة.
أما مجلس رجال الأعمال فيقع ما بين الطابقين الأرضي والأول، ويضم مجلسًا أنيقًا لرجال الأعمال يشتمل على مركز ترفيهي، وصالونات فاخرة تتوفر فيها كل وسائل الراحة، ويضم المجلس كذلك غرف للعرض التلفزيوني والفيديو، وقاعة استماع للراديو والأجهزة الصوتية، وقاعات مغلقة لعقد الاجتماعات الخاصة، وصالات للألعاب والتسلية، وكان للمجلس مدخل خاص من الشارع الرئيسي بحيث يبدو وكأنه مكان مستقل، كما قدّم عضويات خاصة لمن يرغب من التجار ورجال الأعمال.
أما الطابق الثاني فقد خصّص للجهاز التنفيذي للغرفة حيث تكون من: مكتب مستشار الغرفة، ومكتبة قانونية تضم عددًا من المراجع القانونية اللازمة للأعمال التجارية، وقسم الإعلام والنشر ومن ضمنها مكتب تحرير مجلة (الغرفة)، ويضم كذلك قسم البحوث الاقتصادية والإحصاء، وقسم المحاسبة، وقسم العلاقات العامة، وقسم الأرشيف الخاص بملفات أعضاء الغرفة.
ويوجد بهذا الطابق قاعة كبيرة للاجتماعات والندوات شيّدت على نظام دائري، وزوّدت بأجهزة الاستماع المختلفة، والسكرتارية، وكانت تقام فيها اجتماعات مجالس إدارات الغرفة وغيرها من الاجتماعات المحلية والإقليمية والعالمية.
كما خصّص في المبنى الجديد للغرفة مكان خاص للكمبيوتر وكان وقتها تقنية حديثة ولم يكن قد ركّب بعد عند إنشاء المبنى، وكان الهدف منه مساعدة رجال الأعمال والتجار في الحصول على كافة المعلومات التي يطلبونها في زمن قصير، وتخزين المعلومات والأنشطة التجارية للوفود التي تزور سلطنة عمان.
أما الطابق الثالث فضم بالإضافة إلى مكاتب رئيس وأعضاء مجلس الإدارة والسكرتارية ومدير الغرفة، قاعات أخرى مثل قاعة اجتماعات مجلس إدارة الغرفة تشتمل على (25) مقعدًا، وقاعة اجتماعات اللجنة التنفيذية، وصالة لاستقبال الأعضاء والضيوف زوّدت بمجالس مريحة وتتصل بخدمات الضيافة.
المراجع
- مجلة غرفة تجارة وصناعة عمان، العدد 31، نوفمبر وديسمبر 1984.
- أعداد مختلفة من مجلات النهضة، الأسرة، الأضواء.
- موقع غرفة تجارة وصناعة عمان على منصة X
