أثير – جميلة العبرية
تُعرف مدينة قونية الواقعة في وسط تركيا بأنها مهد احتفالات “شبّ العروس”، وهي مناسبة خاصة تُقام سنويًا لتخليد ذكرى وفاة الشاعر والمتصوّف الكبير جلال الدين الرومي.
يُقام هذا الحدث بين 7 و17 ديسمبر من كل عام تحت شعار “وقت اللقاء”، حيث يُنظر إليه كاحتفال يرمز إلى الفرح والاتحاد بالذات الإلهية بدلًا من الحزن والمأتم.
ما هو “شبّ العروس”؟
كلمة “شبّ العروس” تعني باللغة الفارسية “ليلة العرس”، ويُشير الرومي من خلالها إلى الموت كجسر يوصل إلى الله، الذي يعده المحبوب الأسمى. فبالنسبة له، الموت ليس نهاية، بل بداية لـ“لقاء الحبيب” والانعتاق من القيود الدنيوية.
أهم طقوس الاحتفال
• يعد أداء “السماح”، رقصة الدراويش المولوية الدوارة، أشهر طقوس احتفالات “شبّ العروس”.
• يؤدي الراقصون هذه الطقوس بملابسهم البيضاء التي ترمز إلى نقاء الروح، بينما تعكس حركاتهم الدائرية الاتصال الروحي بين الإنسان والسماء.
• تشهد هذه المناسبة أيضًا محاضرات ثقافية، عروضًا موسيقية صوفية، معارض فنية وورش عمل تُقام في قلب قونية، مما يساهم في جذب الزوار المحليين والدوليين سنويًا.
قونية: عاصمة الروحانية
تُعد مدينة قونية الوجهة الرئيسية لأتباع الرومي حول العالم؛ حيث عاش هذا الشاعر والفيلسوف معظم حياته وخلّف إرثًا أدبيًا عظيمًا، أبرزها قصيدته الشهيرة “المثنوي”.
وتُعد مقبرة الرومي، المعروفة اليوم باسم “متحف مولانا”، معلمًا رئيسيًا يتوافد إليه الزوار من كل مكان للتأمل والدعاء.
دعوة مفتوحة للإنسانية
يُجسّد “شبّ العروس” فلسفة الرومي الداعية إلى التسامح والرحمة وقبول الآخر، كما عبّر عنها في نصيحته الشهيرة:
“تعالَ، تعالَ، مهما كنت… مهما فعلت… تعالَ مرة أخرى.”
إن هذا الاحتفال الفريد يُذكّر العالم بروح المحبة التي سعى الرومي إلى نشرها، ليبقى “شبّ العروس” رمزًا خالدًا يجمع القلوب في مدينة قونية على مر القرون.