تاريخ عمان

ماذا تعرف عن أول دار سينما في عُمان؟

قصة أول دار سينما في سلطنة عُمان

مسقط-أثير

إعداد: د. محمد بن حمد العريمي

هل تعرف قصة أول دار سينما في سلطنة عمان، وكيف دخلت أول دار عرض للأفلام في السلطنة، ومن أبرز رجال الأعمال الذين اهتموا بهذا القطاع، وهل عرفت عمان السينما قبل عام 1970م؟

“أثير” تقترب في هذا التقرير من تاريخ دخول السينما في عمان وذلك من خلال العودة إلى بعض التقارير الاستخباراتية البريطانية المتعلقة بعمان خلال فترة الأربعينيات من القرن العشرين، ومن خلال الرجوع إلى حوار صحفي كانت قد أجرته مجلة (النهضة) مع أحد رجال الأعمال العمانيين في عام 1978م، بالإضافة إلى تقارير وتغطيات صحفية أخرى متنوعة.

البدايات

كان مجتمع مسقط قد عرف السينما منذ مطلع القرن العشرين، وهناك العديد من الإشارات التي حوتها التقارير البريطانية الصادرة عن القنصلية البريطانية في مسقط، ففي 24 نوفمبر 1940م قدّم نادي القنصلية البريطانية الدعوة إلى عدد من شخصيات مسقط لحضور فعالية السينما الناطقة التي ستقام في نادي القنصلية البريطانية في الساعة السادسة والدقيقة 15 (الساعة 12.50 بالتوقيت العربي) من يوم الخميس الموافق 28 نوفمبر عام 1940.

قصة أول دار سينما في سلطنة عُمان

وقد وردت إشارة إلى هذه الفعالية في أحد التقارير الاستخباراتية البريطانية التي تغطي الفترة ما بين 16- 30 نوفمبر 1940، والمنشورة ضمن أرشيف مكتبة قطر الرقمية، حيث تناولت الفعالية وتاريخها، وأبرز الحضور ومن بينهم: السلطان سعيد بن تيمور، والقنصل البريطاني في مسقط، والسيد شهاب بن فيصل، والسيد أحمد بن إبراهيم، والحاج الزبير بن علي، والوالي إسماعيل الرصاصي.

قصة أول دار سينما في سلطنة عُمان

وفي رسالة مرسلة من قبل الكابتن بيرد الوكيل البريطاني في البحرين بتاريخ 19 أكتوبر 1945م هناك إشارة إلى رغبة في توفير الأدوات المتعلقة بالعرض السينمائي في مسقط لأفراد المجتمع الأوروبي هناك.

قصة أول دار سينما في سلطنة عُمان

وفي “ملف ١/٩ II زيارات السفن الملكية البريطانية إلى مسقط“، تحت رقم الاستدعاء: IOR/R/15/6/299، والذي يتضمن مراسلات وأوراق أخرى تتعلق بزيارات سفن البحرية البريطانية إلى مسقط، وأثناء زيارة السفينة الملكية البريطانية (وايلد جوس) إلى مسقط خلال الفترة من 8-10 أكتوبر 1949، أقيم عرض سينمائي على متن السفينة حضره حوالي (30) من الشخصيات البارزة.

قصة أول دار سينما في سلطنة عُمان

وفي تقرير مسقط الاستخباراتي الصادر عن القنصلية البريطانية في مسقط، والذي يغطي الفترة من 16 إلى 31 مارس 1947م، هناك فقرة تشير إلى أن السلطان سعيد بن تيمور حضر في الثامن عشر من مارس عرضًا سينمائيًا في معسكر سلاح الجو في صلالة، وذلك برفقة الوكيل السياسي البريطاني وعدد من ضباط القاعدة.

قصة أول دار سينما في سلطنة عُمان

وتدل مثل هذه الفعاليات على معرفة المجتمع العماني للسينما من خلال بعض المؤسسات مثل القنصلية البريطانية وغيرها، أو من خلال السفن الزائرة إلى الموانئ العمانية. كما تدل على مدى تنوع النشاط الحضاري الاجتماعي في مسقط خلال تلك الفترة، من حيث وجود عدد من الأندية التي كانت تحتضن الفعاليات الرياضية والاجتماعية سواء كانت أندية تتبع بعض الجهات كالقنصلية البريطانية، أم بعض الطوائف كالبانيان، أم أندية محلية كنادي “مقبول” الذي تأسس في عام 1932م ويعد أول مؤسسة رياضية أهلية حديثة تتوافر بها مجموعة من الأنشطة الرياضية والاجتماعية.

أول دار عرض سينمائي حديثة

ومع مطلع النهضة العمانية الحديثة في عام 1970م عرفت سلطنة عمان أول دار سينما حديثة بحسب المواصفات المعروفة عالميًا، وذلك عن طريق رجل الأعمال محمد جواد عبد الرضا سلطان الذي ينحدر من أسرة تجارية لها العديد من الأنشطة التجارية المتنوعة من بينها شركة مصطفى وجواد التي بدأت في 18 أبريل 1972م، وكان محمد جواد قد بدأ أعماله التجارية الخاصة قبل ذلك بعدّة أعوام، وتحديدًا في عام 1958م عندما أنشأ أول كراج لإصلاح السيارات في عمان، وكان يحضر معدات التصليح من البحرين. كما افتتحت شركتهم العائلية مخزن العاصمة في عام 1973م، وحصلت على توكيل أكثر من 15 شركة عالمية وقتها.

وعن قصة تأسيس أول دار سينما في روي، يذكر الفاضل محمد جواد عبد الرضا سلطان في حوار صحفي يعود إلى نهاية السبعينيات الميلادية مع محرّر مجلة (النهضة) أنه قبل عام 1970م لم تكن هناك وسائل ترفيه حديثة في عمان، وأنه كتب إلى المسؤولين آنذاك رسالة يطلب فيها التصريح له بإدخال آلة عرض سينما 16 ملم كي يقوم بعرض الأفلام في منزله، ووافق المسؤولون على طلبه، لكن حدثت مشكلة حيث لم يسمح له بإحضار أفلام وتم حجزها في الجمارك، فقدّم طلبًا ثانيًا، وطلبوا منه هذه المرة تقديم أسماء الأفلام قبل إحضارها.

قصة أول دار سينما في سلطنة عُمان صورة أرشيفية لرجل الأعمال محمد جواد عبد الرضا

ويضيف محمد جواد سلطان: " تمكنت كذلك من الحصول على بعض الأفلام من القنصلية الهندية وبدأت في عرض الأفلام في منزلي، وكان الجمهور يتكون من أسرتي وأقاربي وبعض الأصدقاء، واستمر هذا الحال إلى أن جاءت الانتفاضة المباركة عام 1970 وكنت وقتها في رحلة عمل بلندن ووصلت هنا في سبتمبر 1970، وقدمت طلبًا لجلالة السلطان قابوس للسماح لي بإقامة دار سينما، ووافق جلالته على الفور، وخلال أربعة أشهر جهزت دار السينما في روي وكانت سينما مكشوفة صيفي وافتتحت في 28 أبريل 1971 وكانت أول دار للسينما في السلطنة مفتوحة للجمهور“.

ويستطرد: " ثم أنشأت دورا للسينما في صور وصلالة، ثم كانت أحدث دار للعرض في المنطقة وهي سينما (عمان بلازا) التي افتتحت في 18 مارس 1975 وبها معارض ومطاعم، وهي مكيّفة الهواء ومن الدرجة الأولى“.

قصة أول دار سينما في سلطنة عُمان صورة لمنطقة روي تعود إلى عام 1977م ويظهر فيها مبنى سينما بلازا

دور عرض أخرى

وكان موقع “أثير” قد نشر في وقتٍ سابق وتحديدًا في 16ديسمبر 2016م مقالًا للفاضل محمد بن علي الوهيبي بعنوان “ملامح من بدايات دور العرض السينمائي في مسقط”، تناول فيه جانبًا من تاريخ دور العرض السينمائية في مسقط، حيث أشار إلى عدد من دور العرض من بينها: سينما الشعب التي تغير مسماها بعد ذلك إلى سينما بلازا، والتي لم يقتصر دورها على تقديم العروض السينمائية بل قُدم على مسرحها حفلات الأعياد الوطنية، ومن بين من وقف على مسرحها: سالم راشد الصوري، وحكم عايل، ومسلم علي عبدالكريم، ومحمد حبريش، ومن المطربين العرب، سميرة توفيق، وفهد بلان، وفي مرحلة لاحقة هدم مبنى سينما بلازا وتم تحويل أرضه المواجهة الآن لجامع السلطان قابوس بروي لتكون محطة انتظار لسيارات الأجرة

وأشار الوهيبي في مقاله إلى سينما روي التي بُنيت بين منطقة طوي العلاية ومنطقة طوي الرصاصي، والتي تغير مسماها بعد ذلك إلى مسمى سينما النصر، ثم إلى المسمى الجديد سيتي سينما، ولا تبعد عنها كثيرا سينما عمان الجديدة وتلك كانت سينما ليلية فقط وذلك لكونها بدون سقف، وقام على أنقاضها بعد ذلك مجمع مزون التجاري.

ومن بين دور السينما المعروفة، سينما ركس التي أُغلقت هي الأخرى أبوابها وحل محلها الآن قاعة أفراح وكان موقعها بالقرب من مدرسة روي الثانوية للبنات وكانت هذه السينما تعرض أكثر من فيلم بتذكرة واحدة وتقدم أحدث الأفلام العربية والأجنبية.

ويذكر الوهيبي أنه في الجانب الآخر للوادي كانت تقع أفخم سينما أنشئت في منتصف السبعينيات وهي سينما النجوم والتي كانت راقية في عروضها السينمائية واختياراتها، كما كانت مسرحًا للاحتفالات الوطنية.

ويتذكر الوهيبي أن سينما النجوم كانت تصدر منشورًا شهريًا بالأفلام التي تعرضها خلال شهر على شكل كتيب أنيق يحتوي على (أفيشات) الأفلام وسرد مختصر عن كل فيلم وكذلك يوم وتاريخ ووقت عرض كل فيلم.

قصة أول دار سينما في سلطنة عُمان صورة أرشيفية لسينما النجوم في روي

وكانت سينما النجوم قد افتتحت في يناير 1978م تحت رعاية معالي حفيظ بن سالم الغساني، وكانت تحتوي عند افتتاحها على قاعة كبيرة تتسع لحوالي 850 إلى 900 شخص، وثلاث قاعات صغيرة تتسع لـ 75 إلى 80 شخصًا، وتعرض جميع القاعات الأربع الأفلام يوميًا في ثلاث فترات، حيث يبدأ العرض الافتتاحي من الساعة 3.30 مساءً، يليه العرض المسائي والليلي في الساعة 6.30 مساءً و9.30 مساءً على التوالي.

قصة أول دار سينما في سلطنة عُمان خبر في مجلة (العقيدة) عن افتتاح سينما النجوم 1978
قصة أول دار سينما في سلطنة عُمان

المراجع:

Your Page Title