أثير - ريما الشيخ
تبنت هيئة تنظيم الاتصالات منذ إنشائها في عام 2002 نهج المشاورات العامة كأحد الأساليب الأساسية لتعزيز الشفافية في العمل التنظيمي وإشراك مختلف الأطراف المعنية، سواء كانوا أفرادًا أو مؤسسات، في عملية اتخاذ القرارات، حيث يهدف هذا النهج إلى تحسين جودة القرارات الصادرة، من خلال استطلاع مرئيات المشاركين وملاحظاتهم حول القضايا المطروحة.
حول هذا الموضوع تواصلت “أثير” مع المهندس محمود بن عمر الزدجالي، المكلف بإدارة وحدة التخطيط الإستراتيجي في هيئة تنظيم الاتصالات، الذي أوضح بأن المشاورات العامة تُعد جسرًا يربط الهيئة بالمجتمع وأصحاب المصلحة، حيث نسعى من خلالها لاستطلاع مرئيات الجمهور بشأن مسودات القرارات التنظيمية واللوائح التي تُصدرها الهيئة، وأن هذا النهج يُسهم في تعزيز مصداقية القرارات وضمان توافقها مع تطلعات المستفيدين.
وأوضح المهندس لـ “أثير” أن الهدف الرئيسي من إشراك الجمهور وأصحاب المصلحة في المشاورات العامة هو فهم تطلعاتهم، قائلًا: إن إشراك المجتمع في هذه المرحلة المبكرة يتيح لنا معرفة رؤى أصحاب العلاقة تجاه الموضوع المطروح، مما يمكننا من عكس هذه المرئيات في مسودة القرار النهائي، وبالتالي إصدار قرارات ذات جودة أعلى وأثر إيجابي أكبر.
كما أشار إلى كيفية اختيار الموضوعات المطروحة، موضحًا: لقد اتخذنا نهجًا شموليًا في هذا الإطار، حيث نطرح جميع مسودات الأطر واللوائح والتوجهات والقرارات التنظيمية التي تؤثر على قطاع الاتصالات أو قطاع الخدمات البريدية، وأن هذا يعزز من الشفافية ويضمن مشاركة أصحاب المصلحة بفعالية في صنع القرار.
وأكد الزدجالي أن الهيئة تعتمد على آلية واضحة لجمع وتحليل الردود، حيث ذكر: نقوم بإعداد وثيقة المشاورات العامة ونشرها على الموقع الإلكتروني للهيئة مع تنبيه الجمهور عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، كما نتيح منصة مخصصة لتلقي الردود والملاحظات، وبعد انتهاء فترة المشاورات، يتم تحليل الآراء وإعداد موقف تنظيمي يعكس رأي الهيئة حول الموضوع قبل إصدار القرار النهائي.
كما أشار إلى الجهود المبذولة لضمان تمثيل جميع وجهات النظر أثناء المشاورات، مؤكدًا: نعلن عن جميع المشاورات عبر منصات التواصل الاجتماعي الخاصة بالهيئة، وفي بعض الأحيان ندعو الجهات ذات العلاقة لحضور اجتماعات وورش عمل نقاشية خلال فترة المشاورات لضمان تمثيل شامل لكافة الآراء، كما نُقيّم جميع الردود والملاحظات بناءً على سياسات الهيئة والمصلحة العامة، مع الحرص على مراعاة مصالح كافة الأطراف قدر الإمكان.
وعن الفترة الزمنية التي تستغرقها المشاورات العامة، قال: نحدد فترة لاستقبال المرئيات تتراوح بين 4 إلى 6 أسابيع، ويمكن تمديدها بناءً على طلب الجمهور، بعد ذلك، تستغرق عملية تحليل الردود وإصدار الموقف التنفيذي ما يقارب شهرًا واحدًا، ومن ثم تُستكمل المراجعة القانونية قبل اعتماد القرار النهائي.
وأكد الزدجالي على أهمية نتائج المشاورات في تحسين جودة اللوائح والقرارات التنظيمية، مضيفًا: المشاورات العامة تمنح المسؤولين في الهيئة رؤية أعمق لتطلعات أصحاب المصلحة، مما يساعد في إصدار قرارات أكثر شمولية وملاءمة.
وأوضح الزدجالي لـ “أثير” بأن هيئة تنظيم الاتصالات في الفترة من عام ٢٠٢٠م وحتى ٢٠٢٥م أصدرت ٩ قرارات تنظيمية، سبقها ٩ مشاورات عامة، ومنها:
- تحديد رسوم تقديم الخدمات البريدية والخدمات المرتبطة
- تحديد نسب توظيف غير العمانيين في مراكز عمليات الشبكة لدى المرخص لهم
- مشاورة عامة حول لائحة تنظيم اعتماد نوعية أجهزة الاتصالات
- مشاورة عامة حول مشروع لائحة حقوق المنتفعين
وفي ختام حديثه، أكد المهندس محمود الزدجالي لـ “أثير” أن الهيئة تحرص على نشر نتائج المشاورات بشفافية للجمهور، حيث قال : بعد انتهاء فترة المشاورات، ننشر موقف الهيئة التنظيمي، الذي يتضمن ملخصًا للمرئيات الواردة وردود الهيئة عليها، في موقعنا الإلكتروني ومختلف وسائل الإعلام، كما إن المشاورات العامة تعزز من ثقة الجمهور في قرارات الهيئة، حيث يدرك الجميع أن القرارات الصادرة تستند إلى مشاورات ومشاركات شفافة، ما يجعلها أكثر قبولًا وقابلية للتطبيق.
كما أشار إلى أن الهيئة تلقت ردود فعل إيجابية عديدة من أصحاب المصلحة، مع طلبات لتمديد فترات المشاورات في بعض الأحيان، مضيفًا: فوز الهيئة بجائزة الحكومة الرقمية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وحصولها على المركز الأول خليجيًا عن مشروع المشاورات العامة، هو دليل واضح على نجاح هذه المبادرة.