بقلم: محمد بن أحمد النهاري
أعلنت كتائب عز الدين القسام ليل الجمعة استشهاد ثلة من القادة العظام خلال معركة طوفان الأقصى الخالدة والشاهدة بدمائهم على صدق التوجه والدرب وعلى رأسهم قائد هيئة الأركان الشهيد محمد الضيف “رجل الحياة” الذي بذل عمره فداءً لقضيته النبيلة وكرس جسده حائطا مدافعا عن شعبه لنحو أربعين عاما.
إن الحياة في مفهوم هؤلاء القادة أن تحيى ضمائرهم وعقيدتهم وتقرها أفعالهم لا أقوالهم فحسب فكانوا تجار شهادة لا سلطة ورئاسة فدفعوا أرواحهم إيثارا بها عن شعبهم وأمتهم وتقدمت دماؤهم المعارك والمخاطر فكانوا أهل حياة وراء القضبان وكانوا أهل حياة بعده، فالموت موت الحرية والكرامة والعقيدة، والسجن سجن العبودية والذل والاستكانة.
إنها الحياة التي أحبوها وسعَوا إليها، حياة العزة والإباء والإقبال على الحق والتمسك به ودفع الظلم عن شعبهم وأمتهم طمعا في حياة ترتقي وتليق بأنفسهم الرفيعة وغايتهم في الدنيا، وحديث خير البرية صلى الله عليه وسلم خير برهان “ما مِن أحَدٍ يَدْخُلُ الجَنَّةَ يُحِبُّ أنْ يَرْجِعَ إلى الدُّنْيا، وأنَّ له ما علَى الأرْضِ مِن شيءٍ، غَيْرُ الشَّهِيدِ، فإنَّه يَتَمَنَّى أنْ يَرْجِعَ، فيُقْتَلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ، لِما يَرَى مِنَ الكَرامَةِ.”¹
إنها الكرامة التي تملأ نفوسهم وتوجههم نحو الحياة التي يستحقونها وتليق بهم وليس الموت الذي يعتقده عدوهم وأعوانه لدناءة نفوسهم وضحالة بصيرتهم ورذالة قضيتهم فأين السمو من القعر!؟ الذي يحيون فيه حياة البهيمية ويتأملون بأملا زائلا بحتمية التاريخ وسننه وبإيمان المؤمنين بوعد الله النافذ، فالصهاينة وأعوانهم هم الموتى بحق يستشعرون دبيب النهاية منذ سبعين عاما فأنَّا تكون حياة مرتكزة على الموت بل هو موت شنيعٌ مستمرٌ وجعه وقلقه وحزنه كل يومٌ عندهم مذ الميتة الأولى.
فهنيئا لغزة وفلسطين بقادةٍ ارتقوا من الرفعة ما جعلهم يمهدون بأرواحهم الطريق لأجيالٍ قادمةٍ ستسكب دماؤهم الطاهرة من الماء إلى الماء، إنها الحياة التي تمتعوا فيها متعة الشرف والنضال وصنعوا السفينة الناجية من الطوفان بالطوفان {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}.
1- التخريج: أخرجه البخاري (2817)، ومسلم (1877)