مسقط-أثير
لخّصه: د. محمد بن حمد العريمي
تتناول “أثير” في هذا التقرير قراءة لأحد الكتب التي تزخر بها المكتبة التاريخية العمانية، والتي تعد إضافة مهمة وبالأخص في مجال التاريخ الاجتماعي والاقتصادي كونه يتناول تاريخ إحدى المدن التجارية العمانية، والتي لم يسلّط عليها الضوء بصورة كبيرة من خلال الدراسات والكتب الأخرى، ألا وهو كتاب (رخيوت من وحي الذاكرة).
![](https://atheer-atheer-prod.web.arc-cdn.net/resizer/v2/IWQCWXZXBNCJNINZSI24O6UVYA.png?auth=750defb56876f45a0ea504cab68281af1d08ef7b6a274d826ec0bc7add456024&width=800&height=917)
يبلغ متن الكتاب الذي ألّفه الباحث يوسف بن فارح مسعود السعدوني وصدر عن مؤسسة اللبان للنشر في عام 2023م (232) صفحة مقسّمة على أربعة فصول هي: الفصل الأول ويتناول الموقع الجغرافي والتاريخي لمدينة رخيوت، والفصل الثاني الذي ركّز على ذكر معالم مدينة رخيوت التاريخية وأعلامها، والفصل الثالث الذي اهتم بإبراز الجوانب المتعلقة بالحياة الاقتصادية والتجاريّة في المدينة. أما الفصل الرابع فقد تناول الحياة الدينية والاجتماعية والثقافية.
كما يضم الكتاب ملحقًا للوثائق اشتمل على (24) وثيقة تاريخيّة متنوّعة اشتملت على مراسلات سياسيّة، وإداريّة، واقتصاديّة، واجتماعيّة، بالإضافة إلى أربعة كشوف تتضمن أسماء التجّار المورّدين للبضائع من عدن إلى رخيوت خلال حقبة الثلاثينيات من القرن العشرين.
![](https://atheer-atheer-prod.web.arc-cdn.net/resizer/v2/NO7R37XEZ5EZ5I2ZFYBUWNQAN4.jpg?auth=e85d580980c2e074ec7c30e7abec8a5e28b465b2a497c2e20d31a457698949f9&width=800&height=1073)
وتكمن أهمية الكتاب في أنه يتضمن وثائقَ نادرة ومُكاتبات مُهمة بين سلاطين عُمان ووجهاء رخيوت؛ حيث وثّق المؤلف في كتابه إرث وثقافة سكان هذه الولاية العُمانية العريقة، وتحدّث بعمق عن البيئة والإنسان والأعراف والأنشطة المختلفة التي كانت سائدة في رخيوت قديمًا، إضافة إلى ذكر عقداء العسكر الذين تعاقبوا على رخيوت كمُمثلين لحكومات سلاطين عُمان في الولاية.
وتكمن أهميته كذلك في احتوائه على مجموعة من الصور النادرة التي التقطت أغلبها خلال حقبة الستينيات الميلادية بعدسة كاميرا الشيخ سعيد بن علي السعدوني عكعاك، والتي توثّق لعدد من معالم المدينة الحضارية، وجانب من أنشطتها الاقتصادية والاجتماعية والفنية.
كما يرصد الكتاب الكثير من معالم الولاية، جغرافيا وتاريخيا، ومساجدها وتجارها وغير ذلك من ذكر للأعلام وأبرز الشخصيات التي عُرِفت فيها، والحياة الدينية والاجتماعية والثقافية فيها، والعادات والتقاليد.
![](https://atheer-atheer-prod.web.arc-cdn.net/resizer/v2/KYWZHTZVOFDKFCBDDS6LYLOIGE.jpg?auth=649d42b48bd67be4dd40f9ebba2dba1fdd4fcaf4c5c86e64e84f86c86101df64&width=800&height=964)
الفصل الأول: الموقع الجغرافي والتاريخي لمدينة رخيوت
ركّز الباحث ومؤلف الكتاب يوسف بن فارح مسعود السعدوني في الفصل الأول من كتابه على الحديث عن موقع المدينة الجغرافي وأهميته، حيث بدأ الفصل بتعريف اسم رخيوت لغةً واصطلاحًا، والأسماء المحلية المرتبطة بها وماهيتها.
كما أشار الباحث إلى موقع رخيوت الجغرافي وأهمية ذلك الموقع في تنوع مواردها وأنشطتها ورخائها الاقتصادي، وتناول أبرز المعاهدات السياسية التي ارتبطت برخيوت مثل مبايعة السيد فضل بن علوي مولى الدويلة في عام 1288هـ، ومعاهدة الصداقة مع حكومة مسقط وعمان ممثلة في والي ظفار سليمان بن سويلم، والعلاقة مع السلطانين تركي بن سعيد وابنه فيصل بن تركي.
وتناول الباحث موضوع العقداء الذين كانت الحكومة توليهم في رخيوت كجزء من النظام الإداري للدولة، وكان دورهم يتمثل في حفظ الأمن وتولي المسؤوليات الإدارية والعسكرية، ويرتدون الملابس التقليدية ومسلحين بمجموعة من البنادق التقليدية ومقرّهم حصن المدينة. وقد أورد الباحث مجموعة من أسماء العقداء وأولهم العقيد شايف بن عوض اليافعي الذي تم تعيينه في عهد الشيخ محاد حويت، وآخرهم العقيد حميد بن سعيد العيسائي خلال الفترة من 1961-1969م.
الفصل الثاني: معالم مدينة رخيوت التاريخية وأعلامها
تناول الباحث المؤلف في هذا الفصل عددًا من العناوين المرتبطة بمعالم المدينة التاريخية، حيث بدأ الحديث عن مساجد رخيوت ومن أبرزها جامع النور أو مسجد “بر حويت” نسبة إلى مؤسسه، وهو المسجد الوحيد في رخيوت إلى حين قيام النهضة الحديثة في عمان، وقد توسّع المؤلف في الحديث عن تاريخ هذا المسجد والمراحل التي مرت بها عملية إنشائه وترميمه.
![](https://atheer-atheer-prod.web.arc-cdn.net/resizer/v2/CCN5WGXRFNHJJIBCEZBXLVZQEY.jpg?auth=986d1953daabb44cbed965b728ee2b92515d8aebfad0502509f04b566fea2983&width=800&height=591)
كما أشار الباحث في هذا الفصل إلى حصن رخيوت التاريخي من حيث تاريخ بنائه، وأبرز مكوناته وما يحتويه من مرافق، وأهميته التاريخية، والرغبة في تحويله إلى متحف يحكي تاريخ المدينة العريق.
وتطرّق الباحث كذلك إلى موضوع البيوت التقليدية العتيقة في رخيوت من حيث أهميتها، وسماتها ومميزاتها، وعدّد أسماء حوالي (20) بيتًا عرفتها المدينة وأسماء أصحابها، مع أسفه على ذهاب الكثير من هذه البيوت بدلًا من بقائها وترميمها لما تمثله من أهمية للهوية الوطنية.
![](https://atheer-atheer-prod.web.arc-cdn.net/resizer/v2/RGOEVZT2KZE3PDB3KZDGSD3BTE.jpg?auth=30829cad1e40f3437254a00a05497cfe7d1855b739bc1e8562c3a8fb04ae165b&width=800&height=489)
ولم ينس المؤلف أن يشير إلى موضوع البناء في رخيوت وما يرتبط به من مسميات محلّية كوستاد المول، والمغيّل، والكولي، وأجرة كل فئة منهم، وأبرز الأساتذة الذين برزوا في هذا المجال. كما تحدث عن وجهاء مدينة رخيوت وأبرز الشخصيات الإدارية والاجتماعية التي عرفتها المدينة خلال القرنين الأخيرين، والأدوار الاجتماعية التي لعبها بعضهم.
![](https://atheer-atheer-prod.web.arc-cdn.net/resizer/v2/V2VLGO6KQJAK5BDHHOA64QYCDU.jpg?auth=5f227d2a26710faf4e211664afa424b059b48cae953262e80785e1451137431b&width=800&height=591)
الفصل الثالث: الحياة الاقتصادية والتجاريّة
ركّز الباحث المؤلف يوسف السعدوني في هذا الفصل على تناول جوانب الحياة الاقتصادية والتجارية في رخيوت خصوصًا مع كونها كانت ميناءً مهمًا لتصدير واستيراد بعض البضائع ومن أبرزها تجارة اللبان، حيث بدأ الفصل بالحديث عن أسماء منازل اللّبان وملّاكها، وأبرز المستفيدين من هذه التجار ومن بينهم عدد من التجّار البارزين من أشهرهم الشيخ محاد بن سعيد بن عامر السعدوني المعروف باسم (محاد حويت) وعدد من أبنائه وأفراد أسرته، وشخصيات تجارية أخرى برزت في هذه التجارة.
كما تناول المؤلف عددًا من المصطلحات المرتبطة بتجارة اللبان ومن بينها: الطبين وهو الشخص الذي يعمل عند تاجر اللبان، والعوين وهو العامل الذي يقوم بعملية استخراج اللبان، والحرّاس الذين يتولّون حراسة منازل اللبان، وملّاك الجمال الذي يقومون بنقل البضائع إلى الأسواق المحلية، وأصحاب منازل اللبان وهم الملّاك الذين يؤجرون المنازل للتجّار. بالإضافة ‘لى عمال التفريغ والإعداد والتنقية.
كما تطرّق الفصل إلى طريقة استخراج اللبان، وتاريخ تجارة اللبان في رخيوت من حيث أهمية مينائها، وأبرز شخصيات تلك التجارة، وما ذكره بعض الرحّالة والمؤرخين عنها، وتأثير تلك التجارة على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في المدينة.
وأشار الباحث في هذا الفصل إلى أهمية بندر رخيوت ومكانته التاريخية وأهم السفن التي كانت تنزل فيه، وعلاقة أهله بالموانئ الأخرى في عمان والمحيط الهندي، ودور الازدهار الاقتصادي الذي شهده البندر في استقطاب مكوّنات سكّانية عديدة قدمت إلى البندر وأصبحت جزءًا من نسيجه الاجتماعي، ومارست نشاطات حياتية عديدة.
ولم يفت الباحث أن يعرّج في هذا الفصل على عدد من العناوين الاقتصادية الفرعية مثل: جمرك رخيوت وأبرز الشخصيات التي تناوبت على إدارته، وأبرز تجّار رخيوت خلال حقب زمانية مختلفة، والتحديات التي كانت تواجه النشاط التجاري في المدينة مثل سنة اللحيمر سنة 1948، والقحط الذي شهدته المدينة في بعض السنوات، وموسم الخريف وتأثيره على الحياة الاقتصادية والاجتماعية في المدينة، والحياة البحرية في المدينة التي تتضمن الضواغي وسننها، وقوارب الصيد، كما عدّ أسماء مجموعة من الحرفيين في المدينة ومجال اختصاصاتهم.
الفصل الرابع: الحياة الدينية والاجتماعية والثقافية
تناول المؤلف في هذا الفصل عددًا من العناوين الفرعية، حيث بدأ بذكر أبرز الأئمة والخطباء ومعلمي ومعلمات القرآن الكريم، ومعلمي الكتاتيب في رخيوت، وسرد أسماء عديدة لأسر وشخصيات كان لها دور بارز في هذا المجال عدّ الباحث (19) اسمًا منهم، كما أشار إلى دور المرأة في حركة التعليم برخيوت وذكر مجموعة من الأسماء النسائية البارزة من بينها: المعلّمة سعيدة بنت محمد الجحفلية، والمعلّمة فاطمة بن أحمد بن سالم محروس العمري، والمعلّمة خير بنت مستهيل الحضرمية، والمعلّمة طفول بن أحمد با هرمز.
كما عرّج المؤلف على الحديث عن أبرز المناسبات الدينية والاجتماعية في رخيوت مثل صلاة الجمعة وخطبتها، وصلاة العيدين والتي تعرف محليًا بصلاة “الجبّانة”، وتؤدى تلك الصلوات جميعها في جامع “إبن حويت” وهو الجامع الوحيد في المدينة.
وتناول المؤلف أبرز العادات المرتبطة بأداء تلك المناسبات كأداء فن الهبّوت بنوعيه هبّوت المدن وهبّوت الزامل، والملابس التي ترتدى في تلك المناسبات بالنسبة للصغار والكبار، وما يرتبط بأداء تلك المناسبات من عادات اجتماعية معينة.
كما تحدّث المؤلف عن أبرز العادات والتقاليد التي عرفتها المدينة مثل الفنون الشعبية وأبرز نماذجها وطريقة ممارستها، وعادات الزواج وما يرتبط بها من طقوس وعادات، والأهازيج الشعبية المصاحبة للأعراس وأبرز شعرائها، وكيفية استقبال العائدين من السفر والضيوف واستضافتهم.
![](https://atheer-atheer-prod.web.arc-cdn.net/resizer/v2/JHLIL2U7NBHL7PZ5KM7GWT26FE.jpg?auth=e48186b945fe2d40f61f778e4e1d55a2e58c7ea2425181bd497bb78afd767a9b&width=800&height=553)
وأشار المؤلف في هذا الفصل إلى الجانب الأدبي المتمثل في الشعر والشعراء في رخيوت، وعرّف بمجموعة من شعراء المدينة البارزين مع ذكر نماذج من أشعارهم، ومناسبات تلك الأبيات.
وتطرّق الباحث إلى أبرز الأكلات الشعبية التي ارتبطت بها ذاكرة رخيوت الاجتماعية في بيئتيها الساحلية والريفيّة، وأورد مجموعة من الأسماء لأكلات شعبية متعددة من بينها (المطبلوت) وهو نوع من أنواع الخبز، و(الجعليم) الذي يطبخ من محصول الدجر، بالإضافة إلى العصيدة، والشوربة، وغيرها من المأكولات التي تعتمد على محاصيل ومنتجات برّية أو بحرية.
وتناول الفصل كذلك أبرز الأدوات المستخدمة في الحياة اليومية لأبناء المدينة مثل النيد الذي يستخدم لحمل المياه، والقربة لخض الحليب، والهبّان لحمل الأغراض الشخصية، والقعلو للحليب، والمحفيف الذي يلف فيه الرجال شعر رؤوسهم، والمجنب لفرش المنزل، والمجحيت وهو وعاء للمعجين.
ولم ينس الباحث أن يعرّج على الألعاب الشعبية التي تمارس في المدينة، وعدّد حوالي (14) لعبة شعبية خاصة بالأولاد، بالإضافة إلى ألعاب أخرى خاصة بالفتيات، والقوانين والضوابط التي تحدّد طريقة لعبها.
كما أشار الباحث إلى موضوع الطب الشعبي في رخيوت، وأبرز الوصفات والعلاجات التي كانت تستخدم، والطقوس المستخدمة في العلاجات ومناسبة استخدامها وموقفه الشخصي من بعضها، كما أورد أسماء مجموعة من الأشجار والنباتات المحلية التي تستخدم في استخراج وصفات الطب الشعبي، وأسماء بعض الأطباء الشعبيين الذين اشتهروا بمعالجة المرضى.
الملاحق
احتوى الكتاب على مجموعة من الوثائق التاريخيّة المتنوّعة التي تكشف عن جانب مهم من جوانب الحركة التجارية في المدينة، والوضع السياسي المرتبط بها من خلال الرسائل المتبادلة بين عدد من أعيان المدينة والسلاطين والتجّار وغيرهم. كما تتضمن كشوف بأسماء مجموعة من التجّار المورّدين للبضائع من عدن إلى رخيوت خلال حقبة الثلاثينيات من القرن العشرين.
ونعرض هنا لنماذج من تلك الوثائق:
![](https://atheer-atheer-prod.web.arc-cdn.net/resizer/v2/WBDMDWGEXJHUPCDZBBT6QI3AJQ.jpg?auth=e33a3eb00a21e95145cfd31d138fd07a2bc699bb2e31fd2cededbe2c7bdc0047&width=800&height=1191)
![](https://atheer-atheer-prod.web.arc-cdn.net/resizer/v2/CJSLBEPLHZHJZELHFBJ35TGJ5M.jpg?auth=bc4cd7776cea3c6677f14c9af6d1dfed45929f6b56454c734dab07afa100feb2&width=800&height=1066)
![](https://atheer-atheer-prod.web.arc-cdn.net/resizer/v2/EBBJFZYAAZG7NDKFQE5O6KDSL4.jpg?auth=6e55c4da1eaf43a38343dae1a8cdee02130eaed59edf9f388e9c413ae9103c7f&width=800&height=1066)
المؤلف:
ولد الباحث يوسف بن فارح مسعود السعدوني (ابن الحنتالي) في مدينة رخيوت في عام 1953م، وهو عضو في عدد من اللجان المحلية في الولاية. كما أشرف على مشاركات ولاية رخيوت في عدد من المناسبات والفعاليات، وله إسهامات في مجال الشعر النبطي والشعر الغنائي، وهو عضو الاتحاد الدولي للأدباء والشعراء العرب، ومؤسس فرقة رخيوت الأهلية للفنون عام 2012.
![](https://atheer-atheer-prod.web.arc-cdn.net/resizer/v2/UUYSCGEMI5AE7GDGWNUQEUINOM.jpg?auth=40b533e84d14646af03e79d143e4ec2a4183cb36fc84ea207a0664b8a79917ba&width=800&height=1066)