رصد-أثير
إعداد: جميلة العبرية
في عالم يزداد فيه استهلاك الموارد بمعدلات غير مسبوقة، أصبحت النفايات أحد أكبر التحديات البيئية التي تهدد كوكب الأرض، فكل منتج نستهلكه يُنتج خلفه نفايات، تبدأ من مواد التغليف ولا تنتهي عند انتهاء صلاحيته، من هنا ظهر مفهوم “صفر نفايات كنمط حياة يسعى إلى تقليل إنتاج النفايات إلى أقصى حد ممكن، بل وتجنبها تمامًا متى ما أمكن، عبر خطوات بسيطة لكنها فعالة في تغيير عاداتنا اليومية نحو خيارات أكثر استدامة.
ما مفهوم “صفر نفايات”؟
“صفر نفايات” هو نمط حياة يهدف إلى تقليل النفايات الناتجة عن الأنشطة اليومية من خلال الامتناع عن شراء المنتجات ذات الاستخدام الواحد، وإعادة استخدام المواد، والتقليل من الاستهلاك، والتدوير، والتحويل إلى سماد عضوي عند الإمكان، ولا يعني ذلك دعوة للكمال أو الوصول إلى “لا شيء في سلة المهملات”، بقدر ما هو رحلة تدريجية تقوم على الوعي والاختيار المدروس.
من أين نبدأ؟
البداية تكون بخطوات بسيطة، مثل استخدام أكياس قماشية عند التسوق بدلا من البلاستيكية، والامتناع عن شراء المنتجات المعلبة بشكل مفرط، واستخدام زجاجات مياه قابلة لإعادة التعبئة، ففي المطبخ، يمكن إعادة استخدام بقايا الطعام أو تخزينها بطرق صحية بدلا من رميها. كما يمكن اعتماد تنظيف طبيعي باستخدام الخل وصودا الخبز بدلاً من المنتجات الكيميائية المعبأة.
وفي دورات المياه، يمكن استبدال فرشاة الأسنان البلاستيكية بأخرى من الخيزران، واستخدام الصابون الصلب بدلا من السائل، والتقليل من المناديل الورقية باستخدام مناشف قماشية قابلة للغسل.
صفر نفايات ليس مجرد موضة
قد يعد البعض أن هذا النمط “ترند” بيئي، لكنه في الواقع ضرورة بيئية واقتصادية وأخلاقية، فالنفايات لا تؤثر فقط على البيئة الطبيعية بل تدخل حتى في أجسادنا، من خلال الجسيمات البلاستيكية الدقيقة التي تتسرب عبر السلسلة الغذائية إلى أجسام البشر. كما أن التكاليف المترتبة على إدارة النفايات باهظة وتؤثر على ميزانيات الدول والأفراد على حد سواء.

ماذا نكسب من هذا النمط؟
إلى جانب حماية البيئة، فإن أسلوب “صفر نفايات” يوفر المال، ويعزز الصحة العامة، ويقلل من التلوث، ويدعم المجتمعات المحلية، خصوصًا عبر دعم الأسواق الصغرى والحرفيين. كما أنه يعلّمنا كيف نستهلك بعقلانية، ونتوقف عن التراكم والشراء العشوائي.
فلسفة التغيير تبدأ من الفرد
ليس المطلوب أن نصل إلى الكمال في تطبيق هذا النمط، بل أن نبدأ بخطوة واحدة صغيرة، بها نُقلل من الاستهلاك غير الضروري، أو نعيد استخدام منتج كان مصيره النفايات، ففلسفة “صفر نفايات” هي أخلاق قبل أن تكون تطبيقات، وهي التزام شخصي يتوسع تأثيره كلما تبناه المزيد منا، وهي ليست خيارًا رفاهيًا، بل ضرورة من أجل كوكب أكثر نظافة وإنسانية أكثر وعيًا.
المصادر: