أثير – علاء شمالي
يُعد عيد الفطر واحدًا من أهم الأعياد التي يحتفل بها المسلمون، إلا أن الاحتفالات بالعيد في غزة لا تقتصر فقط على يوم العيد، بل تبدأ طقوسها قبل أيام عديدة وتستمر بعده، بأجواء فرح وسعادة لم تتأثر كثيرًا رغم معاناة غزة من حصار مشدد منذ ما يزيد على 16 عامًا.
وفي سنوات مختلفة ورغم تعاقب الحروب والأزمات شهدت هذه الاحتفالات تغييرات كبيرة، لكن الطقوس الأساسية التي كانت سائدة في الماضي حافظات عليها غزة وما تزال حاضرة في ذاكرة أهلها.
التحضيرات قبل العيد
في الأيام التي تسبق العيد، كانت غزة تتحول إلى خلية من النشاط، حيث تبدأ العائلات في التجهيز لهذا اليوم الكبير، وكان الأطفال يرافقون أسرهم إلى الأسواق المحلية لشراء الملابس الجديدة، التي كانت تعد جزءًا من طقوس العيد الأساسية.
تمتلئ الأسواق بالناس تدريجياً مع اقتراب العيد، ولا يقتصر ذلك على شراء الملابس، إذ إن العائلات تحرص على شراء كل ما يلزم اللمات والجمعات العائلية التي تظهر في أيام العيد.
إعداد الحلويات والمأكولات التقليدية
في العيد، كان إعداد الحلويات جزءًا من الاحتفالات العائلية، وأشهر هذه الحلويات في غزة هو المعمول، وهو عبارة عن كعك محشو بالتمر أو المكسرات، إضافة إلى ذلك، كان لا بد من إعداد الكعك والبسكويت والقطايف، التي كانت العائلات تحضرها قبل حلول العيد.
العائلات تحرص على توزيع المأكولات على الجيران والأقارب، وتعكس روح التكافل الاجتماعي التي كانت سائدة في غزة.
أما المأكولات الرئيسية التي تُعد في عيد الفطر، فتشمل اللحوم المشوية والمسخن (وهو طبق يتكون من الدجاج مع الخبز والزيت والسمّاق)، وكانت هذه الوجبات تُعد في مراكز تجمع العائلة، حيث يشارك الجميع في تحضيرها وتناولها معًا.
أما المأكولات التقليدية فيحرص الناس في غزة على تجهيز طبق السماقية، الذي يعد أثريا حافظت عليه العائلات ولا تحضره إلا للمناسبات السعيدة، إضافة لحرص الناس على تناول “الفسيخ” وهو السمك المملح.
صلاة العيد
في صباح يوم العيد، كانت غزة تمتلئ بمئات الآلاف من المصلين الذين يتوجهون إلى المساجد وأماكن الصلاة في العراء -وهي ساحات عامة-، إذ كانت صلاة العيد بمثابة حدث جماعي كبير، يجتمع الناس في الساحات الكبيرة، ثم يلتقون بعد الصلاة لتبادل التهاني والأحاديث.
كان العيد في غزة مناسبة للتأكيد على الروابط الدينية والاجتماعية بين الفلسطينيين، حيث يشارك الجميع في الصلاة والدعاء بأن يعم السلام في بلادهم.
زيارة الأهل والأقارب
بعد صلاة العيد، كان الكثير من العائلات في غزة يتوجهون لزيارة الأهل والأقارب، إذ كانت هذه الزيارات تُمثل فرصة لتقوية الروابط العائلية، ويتخللها تتبادل الهدايا والأطعمة وتوزيع العيدية على النساء والأطفال.
الزيارة لم تكن محصورة فقط بين الأفراد القريبين، بل كانت تشمل الأصدقاء والجيران أيضًا، ولطالما كانت الزيارة متضمنة لصلة الرحم، حيث يذهب الأطفال مع آبائهم لزيارة الأجداد، وهو تقليد كان يعزز مفهوم الوحدة والتضامن داخل المجتمع.
التجوال في الشوارع وزيارة المطاعم
كان يوم العيد في غزة يشهد حركة واسعة في الشوارع، حيث يرتدي الأطفال ملابس جديدة ويجوبون الأسواق والمتنزهات المحلية التي كانت تعد مكانًا مميزًا للأطفال للعب والمرح.
كما كان من المعتاد أن تزين الشوارع بالأنوار والمظاهر الاحتفالية التي تعكس أجواء الفرح والاحتفال، فيما يحرص الناس والعائلات على زيارات المطاعم والمقاهي وكورنيش البحر.
وبعد التحديات الحالية التي تمر بها غزة خلال الحرب، فإن الأجواء الاحتفالية في أيام العيد لم تعد موجودة تمامًا. فقد تحولت هذه الطقوس إلى ذكريات أليمة لأهل غزة، الذين يأملون في أن تعود غزة إلى أيامها الزاهرة وتلفظ الحرب أنفساها ويرمم الناس ما تبقى من حياتهم.
مصدر الصورة: حساب تامر همام على فيسبوك