أثير - ترجمة: ريما الشيخ
قال كريستوفر إشام، صحفي استقصائي ومستشار، إن الحفاظ على الهدوء والثبات في البيئات ذات الضغط العالي، خصوصًا في العمل الصحفي، يعد من أهم سمات القيادة الناجحة، مؤكدًا أن القائد لا يجب أن يسمح لنفسه أو لفريقه بأن يكونوا عرضة للتشتت أو التأثر بالأحداث، بل يجب أن يظلوا مركزين على جوهر المهمة.

وأضاف: أن من المهم في أي مشروع صحفي أو تحقيق إعلامي أن يركز الفريق على ”السؤال الرئيسي“، والسعي للحصول على أفضل إجابة ممكنة، مشيرًا إلى أن التمسك بالمهمة الأساسية والانضباط في متابعة الأهداف هما ما يمنح العمل الصحفي قوته ومصداقيته.
وذكر أن القيادة بطبيعتها لا تخلو من وجود اختلافات داخل الفريق، وأنه من الطبيعي أن تكون هناك آراء متعددة وتوجهات متباينة، مشيرًا إلى أن المهم هو أن يعمل الجميع في الاتجاه نفسه لتحقيق الهدف المشترك. وأكد أن وجود فريق متنوع في التفكير والخلفيات هو أمر صحي، بل وضروري، قائلاً: دائمًا ما شجعت على التنوع، لأن أفضل الأفكار تأتي من التنافس بينها، لا من التوافق التام.
وأوضح أن المؤسسات التي لا تحتضن التنوع الفكري وتكتفي برأي واحد ستنتج نتائج محدودة وأقل ابتكارًا، وشدد على أهمية خلق بيئة تسمح بالحوار والتبادل الحر للآراء، مبينًا أن النقاش داخل المؤسسة ليس ضعفًا بل قوة، وهو ما يؤدي إلى تحسين جودة القرار والعمل.
وأشار إلى أن الثقافة المؤسسية الصحية تبدأ من تعزيز النقاش الداخلي، وتشجيع الموظفين على التعبير عن آرائهم، واحترام اختلاف وجهات النظر داخل الفريق، معتبرًا أن هذه الخطوات هي أساس بناء بيئة عمل إيجابية ومستقرة.
وأكد أن القيادة الفاعلة خلال الأزمات تتطلب من القائد أن يكون صريحًا مع فريقه، وأن يُقدم التوجيه، وفي الوقت نفسه يُصغي جيدًا لمخاوف الموظفين ويتعامل معها بجدية، مبينًا أن القائد الذي يتجاهل مشاعر الفريق أو يفقد التواصل معهم، يخسر قدرته على القيادة.
وأضاف: أن المرونة المؤسسية أصبحت ضرورة لا غنى عنها في زمن التحولات، وأن المؤسسات التي تفشل في التكيف مع المتغيرات، خصوصًا في القطاعات الحساسة كالإعلام، معرضة للتراجع أو الزوال، مشيرًا إلى أن قطاع الإعلام نفسه يمر بتحولات عميقة ومعقدة في الوقت الراهن، وقال: من دون التغيير، المؤسسة تموت.
وشدد على أن على المؤسسات أن تُظهر قدرتها على التكيّف مع الظروف الجديدة، وفي الوقت نفسه الحفاظ على ثباتها في القيم الأساسية التي تنطلق منها، مؤكدًا أن التوازن بين المرونة والثبات هو ما يصنع الفرق في فترات التحول.
وأوضح أن بناء العلامة المؤسسية يتطلب الحفاظ على الابتكار، والتجدد، والرؤية المستقبلية، مؤكدًا أن الإعلام هو الأداة الرئيسية لنقل صورة المؤسسة وهويتها إلى الخارج، وقال: إذا أردت أن تحافظ على قوة علامتك في زمن التغيير، عليك أن تبقى مرنًا، مبدعًا، وتُجيد التعبير عن ذلك عبر الإعلام.
وأضاف: أن الإعلام لا يجب أن يستخدم فقط كوسيلة ترويجية، بل كأداة إستراتيجية تمكن المؤسسة من إيصال رؤيتها وقيمها وموقفها من التحولات الجارية، مشيرًا إلى أن المؤسسات التي تنجح في إيصال رسالتها بطريقة ذكية ومبدعة، هي الأقدر على بناء الثقة والاستمرارية.
وختم حديثه بالتأكيد على أن المؤسسات التي ترغب في البقاء والتميز في عالم مليء بالتحولات، يجب أن تبني داخلها ثقافة ترتكز على المرونة، والتواصل، والتنوع الفكري، وتعزيز النقاش الداخلي، معتبرًا أن هذه العناصر تشكل الأساس لأي بيئة مؤسسية قادرة على الصمود والنمو في عصر سريع التغير.
الجدير بالذكر بأن كريستوفر إشام هو صحفي استقصائي أمريكي بارز شغل منصب نائب الرئيس ورئيس مكتب واشنطن في شبكة CBS News بين عامي 2007 و2020، حيث قاد أكبر مكاتب الشبكة وطور قدراتها التحريرية والتقنية، ووسّع التغطية السياسية والشؤون الحكومية.
وقبل ذلك، ترأس وحدة التحقيقات في شبكة ABC News، وحقق إنجازات كبيرة في كشف قضايا الإرهاب والفساد السياسي. نال إشام جميع الجوائز الكبرى في مجال الصحافة التلفزيونية، منها جوائز إيمي، بيبودي، دوبون، وجوائز إدوارد آر. مورو.
كما أنه يتمتع بخبرة واسعة في الشرق الأوسط وجنوب آسيا وأوروبا، وهو عضو في مجلس العلاقات الخارجية ونادي الاقتصاد بواشنطن، وخريج جامعة ييل.