أبجد

محمد الهادي الجزيري يكتب: فم آخر للماء

النصّ البحريّ


” هذا البحر المحيط بحري، لكن ادّعت السواحل أنّه لها “
ابن عربي

النصّ البحريّ


” هذا البحر المحيط بحري، لكن ادّعت السواحل أنّه لها “
ابن عربي
 النصّ البحريّ


” هذا البحر المحيط بحري، لكن ادّعت السواحل أنّه لها “
ابن عربي


فم آخر للماء
شاهر خضرة


محمد الهادي الجزيري

سأخوض تجربة الكتابة عن نصّ دارج..أي أنه مكتوب بلهجة محلية ..، ودافعي إلى فعل ذلك أنّ الشاعر أثبت وجوده في الكتابة الشعرية الحديثة باللغة العربية الفصيحة، وثانيا أنّ اسمه شاهر خضرة ذلك المسافر من وطن إلى وطن أو لنقل من منفى إلى منفى..بعد أن سدّت في وجهه السبل..، كتابنا اليوم ” فم آخر للماء ” خلاصة تجربة شاهر باللهجة السورية وقد افتتحه بمقدّمة من قِبل أدونيس ..لذا نقتطع منها هذه النبذة الدّالة :
” ..إنّها مهمّة لم تألفها اللغة الدّارجة في العالم العربي، إلاّ قليلا، وهو إذا يؤسس لقول شعري يُفترض في أولئك الذين ينفرون من الشعر، بحجّة الفصاحة البعيدة عن الحياة اليومية، أن يفيئوا إليه في ظلّ هذه الدارجة التّي تحتفظ بعفويّة التعبير..”


محمد الهادي الجزيري يكتب: فم آخر للماء
محمد الهادي الجزيري يكتب: فم آخر للماء محمد الهادي الجزيري يكتب: فم آخر للماء

سأنتقي من هذا الكتاب الجامع لأجمل القصائد الدّارجة لشاعر قدير..مجموعة مقاطع قد لا تروق لقارئ ما ..ولكنها مختارات حسب وجهة نظري ..ثمّ إني شاعر ولي الحق في أخذ نصيب من الحرية ..وكما يقول الشاعر : ” ونصيبي من الأفق ..”، وأولّ مقطع اخترته يتحدّث عن الخلق وأسبابه وعناصره بطريقة شعرية مغايرة لما حفظنا طوال دهور ..، يقول الشاعر:
” أصل الدني ( قطرةْ لبنْ )
من ضلعها خِلقتْ حجرْ
ليش ارتمت بالميْ ما عنّا خبرْ
ليش الدوائر كبرتْ وصارت مْرا ؟
ليش المَرا شمرت لفوق تيابها ؟
يمكن حنين الميْ من أسبابها..”




معلوم أنّ شاهر خضرة قد رحل عن بلاده سورية جرّاء ما وقع فيها ولها من مظالم كثيرة …رحل إذن إلى المغرب الشقيق ثمّ حطّ بعد تعب عظيم في ألمانيا ..، وكانت محطّته المغربية طافحة بالمشاعر المتضاربة ..ومنها مشاعر الشاعر الذي ينحني للجمال حتّى في المنفى..ولقد حبّر عديد الورقات متغزّلا بالحسن المغربي ..ورقّة الكائن الأنثويّ فيه ..وكان يقول أنّه يرسم من سنوات على الجدران شكل امرأ,ة ..لاحت له وبانت له في المغرب:
” من سنين عم أرسم على الحيطانْ
صورة مرا …ياسمينْ
كبرتْ عريشتها وطارت بالسما الأغصانْ
لعيون صاروا يستحوا من الفوقْ
غضّوا البصر
والحلم متلي مكسّر الجنحانْ ”




في خاتمة الكتاب أنهى شاهر خضرة مدّه الشعريّ بكلمة أراد من خلالها توضيح موقفه من الكتابة الدّارجة ..وهي كلمة أتت في مكانها ووقتها ..ومنها هذا المقتطف الذي يفتتح به كلمته:

” لا أكتب بلغة نكاية بلغة أخرى بل بشِعر يجمعهما في فراش القصيدة فراش الحبّ، اللغة المحكية عموما وفي الشعر خاصة هي ابنة الفصحى، وكم استعرت من اللغة العاميّة ورفدت بها الفصحى أثناء كتابة النصوص بالعربية الفصحى وكذلك فعلت في كتابتي للنصوص العامية…..
لست منحازا إلى لغة بعينها فاللغتان أفكّر بهما وأحبّ وأحلم بهما كأنّهما لغة واحدة، وما نشرته بالعربية الفصحى يفوق ما نشرته بالمحكية أضعافا مضاعفة، ولكن الكتابة بالدّارجة كما في الشعر الكوني ورؤاه وحداثته بل وما بعد حداثته إن جاز لي القول والادعاء ”


في آخر قصيدة في الكتاب بعنوان ” ترقُصْ الميْ ” يودّعنا الشاعر بنبرة فيها الكثير من الحبّ ومن الشكّ والإيمان …بل فيها تحدّي من خبر الدنيا ..ولا خوف عليه :
” الميْ تحتي
الشكّ يرميها بحصى
رعْش الدوائر يتّسع حتّى الشتات
والقميص اللّي شبيه الأرض يخْتي
جسد يوحى من جسد ”




في الحقيقة وجدت بعض الصعوبة في قراءة هذا الكتاب الجامع ..رغم أني أكتب أيضا بالدارجة التونسية ..وأعشق هذا النوع من الكتابة ..ولكن بعض المفردات تصبح عسيرة على الفهم حين تتلبّس بالمعنى المحلّي ..، على كلّ هي محاولة منّي للتعريف برافد آخر لتجربة كبيرة في الشعر العربي..وأرجو أن أكون قد وفّقت في مسعاي….

Your Page Title