أثير – ريـمـا الشـيخ
حققت أشباه الموصلات والدوائر الإلكترونية اختراقات لا يمكن الاستهانة بها في عصرنا الحالي، حيث تعد مكونًا أساسيًا للأجهزة الإلكترونية، مما يتيح التقدم في الاتصالات والحوسبة والرعاية الصحية والأنظمة العسكرية والنقل والطاقة النظيفة وتطبيقات أخرى لا حصر لها.
فما هي أشباه الموصلات؟ ومن ماذا تتكون؟ وما أهميتها؟
حول هذا الجانب قال صانع المحتوى التقني هشام السعدي لـ ”أثير“: تُعرف أشباه الموصلات بأنها مجموعة من المواد الصلبة البلورية، التي تمتلك قدرة متوسطة على توصيل الكهرباء، بحيث لا توصل الكهرباء بكفاءة المواد الموصلة لكنّها ليست أيضًا من المواد العازلة، وتمتاز أشباه الموصلات بكفاءتها في مجال الطاقة، وبانخفاض أسعارها؛ لذلك فهي تستخدم على نطاق واسع في مجال صناعة الأجهزة الإلكترونية، بما في ذلك الديودات، والترانزستورات، والدوائر المتكاملة.
وأضاف: تتكون أشباه الموصلات من عدة عناصر ومركبات منها: عنصر السيليكون، وعنصر الجرمانيوم، ومركب زرنيخيد الغاليوم، ومركب كبريتيد الرصاص، ومركب فوسفيد الإنديوم.
وذكر السعدي بأنه بالإضافة إلى الإلكترونيات الاستهلاكية، تلعب أشباه الموصلات دورًا مركزيًا في تشغيل ماكينات الصرف الآلي للبنوك والقطارات والإنترنت والاتصالات وأجزاء أخرى من البنية الأساسية الاجتماعية ، مثل الشبكة الطبية المستخدمة لرعاية المسنين، علاوة على ذلك، تساعد الأنظمة اللوجيستية الفعالة في توفير الطاقة وتعزيز الحفاظ على البيئة العالمية.
أما تاريخ أشباه الموصلات فيعود إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر، حيث أوضح هشام خلال حديثه بأن العلماء بدأوا بدراسة خصائص المواد الكهربائية والتفاعلات بين الكهرباء والمواد المختلفة، ففي عام 1874، قام العالم البريطاني كليمنت أدامز بدراسة خصائص المواد النصفية التوصيلية والتي تشتمل على الجرمانيوم والزنك والسيليكون وغيرها.
وأضاف: في عام 1904، قام العالم الألماني هاينريش هيرتز بدراسة الاهتزازات الكهربائية للمواد النصفية، وقام بتحديد بعض الخصائص الأساسية لهذه المواد، ومنذ ذلك الحين، بدأ العلماء في تطوير تقنيات جديدة لتصنيع أشباه الموصلات ودراسة خصائصها الكهربائية بشكل أكثر دقة، حتى شهدت صناعة أشباه الموصلات تطورًا مستمرًا وتحسينًا في تقنيات تصنيعها وخصائصها الكهربائية، مما جعلها مكونًا رئيسيًا في تقنيات الاتصالات والحوسبة والأجهزة الإلكترونية المختلفة.
وأشار السعدي إلى أن أشباه الموصلات تشتهر بخصائصها الفريدة مثل النصفية التوصيلية والنصفية العازلة والانتشارية المتغيرة بدرجة الحرارة، والتي تسمح لها بتنفيذ العديد من التطبيقات في الأجهزة الإلكترونية المختلفة، وتكلفة صناعتها تختلف بشكل كبير حسب نوع المواد المستخدمة، وتقنية التصنيع المستخدمة، وبالتالي فإنه ليس من السهل تحديد تكلفة إجمالية لصنع أشباه الموصلات، حيث تعد صناعة دقيقة تتطلب مواد خام نادرة ومعقدة، وتقنيات صناعية متطورة.
وقال بأن هناك العديد من الدول التي تصنع أشباه الموصلات حول العالم، ولكن بعض الدول تمتلك صناعة أشباه الموصلات الأكبر والأكثر تقدمًا وفقًا لتقارير الصناعة والإحصائيات الدولية، ومن بين هذه الدول:
الصين: تعد الصين أكبر منتج لأشباه الموصلات في العالم، حيث تنتج ما يقرب من 60% من إجمالي إنتاج العالم، وتضم بعض الشركات الكبرى المنتجة لأشباه الموصلات مثل “تسينتو” و ”هواوي”.
الولايات المتحدة: تعد الولايات المتحدة ثاني أكبر منتج لأشباه الموصلات في العالم، وتتميز الشركات الأمريكية بالتركيز على الأشباه الموصلة الخاصة بالتطبيقات العسكرية والفضائية، وتضم بعض الشركات الكبرى مثل “إنتل” و “تي إم إس“.
اليابان: تعد اليابان من بين أهم الدول المنتجة لأشباه الموصلات في العالم، وتمتلك بعض الشركات العالمية المنتجة لأشباه الموصلات مثل “سوني” و ”توشيبا.
وأكد السعدي بأن الصناعة العالمية لأشباه الموصلات تشهد حاليًا أزمة تتمثل في نقص حاد في الإمدادات وزيادة في الأسعار، مما يؤثر على عدد كبير من الصناعات التي تعتمد على هذه التقنية. ويعود سبب الأزمة إلى عدة عوامل، منها:
1-تداعيات جائحة كورونا.
2-زيادة الطلب على الأجهزة الإلكترونية.
3-زيادة الاستثمارات في الصناعة الناشئة.
4-نقص المواد الخام.
ويؤثر نقص الأشباه الموصلة على العديد من الصناعات، مثل صناعة السيارات والأجهزة الإلكترونية والاتصالات والطاقة المتجددة، ويمكن أن يؤدي هذا النقص إلى تأخير في توفير بعض المنتجات وارتفاع في الأسعار، وتأثيرات الأزمة لا تقتصر فقط على الصناعات المستهلكة لأشباه الموصلة، بل تمتد إلى الصناعات التي تعتمد على هذه الصناعات كمورد رئيسي لها.
وفي ختام حديثه مع ”أثير“، قال هشام السعدي بأن العديد من الشركات والحكومات يحاول العمل على حل هذه الأزمة، ويشمل ذلك زيادة الإنتاج وتوفير المواد الخام اللازمة، وكذلك التعاون الدولي لتحقيق استدامة سلسلة التوريد العالمية، ومن المتوقع أن يستمر النقص في الإمدادات لفترة طويلة، وقد تؤدي هذه الأزمة إلى تطوير تقنيات بديلة لأشباه الموصلة أو تحسين كفاءة استخدامها.