فضاءات

قراءة في المجموعة الشعرية المتوجة بجائزة “أبو القاسم الشابي”

أثير – مكتب أثير في تونس
قراءة: محمد الهادي الجزيري


حرصا منّي على التعريف بالمواهب المتوّجة التي سيكون لها شأن في المستقبل القريب إن شاء الله، التقطت لقرّاء أثير موهبة سعودية من أدوات التواصل، لم أكن أعرفها، فقط قرأت شعرها الصافي، وطلبت صداقتها وكتابها وكان لي ما أردتُ، بل وعرفت بعد ذلك أنها فازت بالجائزة الدولية للشعر بتوزر منذ ثلاث سنوات فسعدت بذلك، علما أنّ مدينة توزر تقع في جنوب تونس وقد أكسبها هذا المهرجان السنويّ شهرة وتعريفا، إضافة إلى كونها موطن الشاعر التونسي الأوّل أبو القاسم الشابي، وقد عرّف بعديد الشعراء الذين أمسوا كبارا، ونرجو أن ننجح في مسعانا، وربط الصلة بين القراء وبين هذه الشاعرة التي تعد ببحر من الشعر الصافي إن شاء الله.

“قد تشبه الورد
إلا أنّها امتلكتْ
من الصلابة ما بالعزّة اشتبكا”


هكذا تفتتح هذه الريح الجامحة مجموعتها الأولى في قصيدة بعنوان “أنثى الضوء”، تفتتحها بنبرة عالية وفيها الكثير من الاعتداد بالنفس، وأيضا فيها من الشجاعة المدروسة فهي رغم اعترافها بأنّها قد تشبه الورد في حمرته أو رقّته وهشاشته، فإنّها تحذّر من كونها من طينة مختلطة بالصلابة والعزّة، فهي إذن ليست وردة كظاهرها بل تخفي في داخلها امرأة قويّة ..مستعدّة للمنافسة ..وللصراع إن لزم الأمر..، نحن أمام متحدية جديّة ..وهذا يزيدها شرفا ومجدا …


“ما الحلم؟
سقفٌ لعيشٍ وارفٍ أبداً
والخوف؟
قيدٌ لمن لم يعتنق شغفا”



في قصيدة “ترجمة ناقصة” تعريف للحبّ مغاير لما دأب الأشباه على قوله، الحبّ نوراني مقدّس ..وهو الشغل الشاغل لكلّ إنسان ..وهذا ما قالته في القصيدة ..فكثيرون من حاولوا قراءة الحبّ في باطن الشاعرة ..ولكنّهم لم يفلحوا أبدا وسيقنعون بالغنيمة بالإياب ..لنستمع إليها وهي ترتّل نشيد المحبّة الخالصة لله ..وللآخرين دون استثناء:

“الحبّ ليس خرافةً عربيةً
أو لعبة
يشقى بها التأويلُ
الحبّ
ترتيلٌ وجوديُّ الندى
قد ذبتُ حتى ضمّني الترتيلُ”




قد سلّمتها جمعية المهرجان الدولي للشعر بتوزر، شهادة متميّزة تنمّ عن التفوّق والإبداع التي حظيت به الشاعرة مشاعل عبد الله من قِبل أعضاء الجمعية، وقد أمضى هذه الشهادة الشاعر التونسي عادل بوعقّة رئيس الجمعية..، وممّا ورد فيها:

“قرّرت منح مخطوط مجموعتكم الممهورة بـ “خارج الوقت” الجائزة الأولى لتميزها على صعيد الإيقاع والصورة الشعرية، وسلامة اللغة وتمكّنك من مقوّمات قصيدة التفعيلة والقصيدة العمودية، إضافة إلى تناولها إلى موضوعات حداثية بأسلوب شعري مختلف”

أختم هذه الدعوة للاطلاع على هذه التجربة السعودية القادمة على عجل بسؤال طرحته الشاعرة على نفسها والقصيدة فلنسمع الجواب معا:

“أريد من الحياة..
أريد ماذا!؟
سوى أن تنتهي بي حيث ذاتي
فأحلامٌ بها أهذي
وأشقى
وأحلامٌ أخيط بها حياتي”




Your Page Title