تفاصيل رحلة أول سلطان عربي في التاريخ تطأ قدمه بريطانيا سنة 1875م -الجزء السابع-

الجزء السادس من تفاصيل رحلة أول سلطان عربي في التاريخ تطأ قدمه بريطانيا سنة 1875م
الجزء السادس من تفاصيل رحلة أول سلطان عربي في التاريخ تطأ قدمه بريطانيا سنة 1875م الجزء السادس من تفاصيل رحلة أول سلطان عربي في التاريخ تطأ قدمه بريطانيا سنة 1875م

أثير – تاريخ عمان

أثير – تاريخ عمان

إعداد: نصر البوسعيدي

إعداد: نصر البوسعيدي

نواصل سرد تفاصيل رحلة أول سلطان عربي في التاريخ تطأ قدمه بريطانيا سنة 1875م من خلال هذا الجزء السابع:

في حضور سعادة السلطان مأدبة لجنة فيشمنجر

لا يخفى على من له إلمام بأحوال بلاد الإنجليز أنهم قوم يحافظون على عوائد جدودهم ويتمسكون بها، فكان قدماء الإنجليز قد قسموا أهل الحرف والصنائع على أصناف وكان لكل لجنة رئيسٌ بمنزلة شيخ يتولى أمرها.

وكان السماكون صنفا من هذه الأصناف، ولما كان السيد برغش أعزه الله بلندن اتخذ هؤلاء السماكون المأدبة المألوفة وكلفوا إلى سعادة السلطان أن يشرف تلك الوليمة بحضوره إليها فأجاب السيد طلبهم، وفيما هم على السفرة نهض شيخ الأصناف ورفع كأسه وكلف المدعوين أن يشربوا كأس الهناء بسر سعادة السلطان فنهض الجميع وحبذوا السيد ثانيا وثالثا وشربوا أقداح الصفاء وهم يدعون لسعادته بطول العمر والإقبال.

وفي أثناء ذلك أوعز السيد إلى خليله جرجس باجر الفقيه أن يشكر رئيس اللجنة والحاضرين على مكارمهم وهذا ملخصه فقال:

“أيها السادات الأماجد قد أوعز إلي السيد أن أشكر لكم عن لسان سعادته .. وأقول إن تذكار هذه الوليمة لن يبرح من بال عمره بطوله وقد أحيط علما بأن لجنتكم هذه قديمة عهد قد ذكرها أكبر شعرائكم شكسبير، وأنكم قد عانيتم كل العناء في توسيع نطاق التجارة البريطانية شرقا وغربا ولكن السلطان يتأسف كل الأسف على أن مساعيكم الحميدة لم تصل بعد إلى بلاده السعيدة ولهذا يطلب إلى عمدة هذه اللجنة القابضين على زمام التجارة الواسعة في المماليك البريطانية أن يصرفوا عنان العناية إلى إدخال أسباب التجارة إلى بلاده أيضا وهو لا يقصر عن مد يد المساعدة لهم في كل ما تمس إليه الحاجة لتوسيع نطاق الحضارة في أفريقية، ولا يخفى على سعادة السيد أن تجار الإنجليز أصحاب همة عالية يقتحمون جميع المصاعب ويخوضون البحار ويطوفون القفار ويحملون أسباب الحضارة والتجارة إلى أقاصي الأرض بأسرها ولهذا له ثقة تامة بهمتكم ، أيها السادات العمدة الكرام أن تسعوا في نجاح تلك البلاد التي جعلها الحق سبحانه وتعالى تحت ولاية سعادته وتبذلوا الهمة في إصلاح شأن أولئك الناس الخاضعين لصولجان حكمه”.

بعدها نهض سار بارتل فرير وخطب خطبة وجيزة في مدح سعادة السلطان قائلا:

“إذا قابلنا حالة زنجبار مع حالة بلاد الإنجليز رأينا أن سعادة السيد برغش – أيده الله – قد فاق الإنجليز في مساعيه الحسنة من جهة عتق الرقيق ، حيث إن الدولة البريطانية صرفت سنين عديدة ودراهم وافرة قبل أن تتمكن من عتق الرقيق الذين كانوا في مستعمراتهم ولم تنجح مساعيها وتفوز بوطرها إلا منذ بضع سنين فقط ، والشيوخ الذين ما زالوا أحياء منذ ذلك العهد إلى يومنا هذا يشهدون لنا بما عانته الدولة البريطانية من التعب والمصاعب في تحرير الرقيق في البلاد التابعة لها، أما السيد برغش أيده الله فقد نجح في إلغاء تجارة الرقيق وعتقهم في بلاده في برهة قصيرة من الزمان ، وإن قاسى مشقات عظيمة ومع هذا كله لم يكن تحت أمر سعادته أموال وافرة ، ولا جرم إذا كان لسعادة السيد برغش فضل عظيم في هذا الأمر أكثر من الدولة البريطانية القوية بالمال والرجال.

وزد على هذا كله أن سعادة السيد عرف حق المعرفة بحذق عقله الراجح أن ما تطلبه منه الدولة البريطانية فيما يختص بإبطال تجارة الرقيق كان من أصعب الأمور وأشدها خطرا على ملكه، وكان جميع رجال دولته يرون في اقتراحات الدولة البريطانية خراب بلادهم أما السيد صانه الله فصمم على الانقياد إلى اقتراحات الحكم الإنجليزي عليه وفضل خسارة المال واحتمال المشقات على خسارة صداقة الدولة البريطانية التي كان هو وجدوده الكرام قد عنوا غاية العناية في اكتسابها بعد كل هذه المصاعب والمشقات، وما زال هذا البطل الهمام والسيد القمقام محافظا على عهوده ومكملا وعوده ومنصرفا إلى العناية بإصلاح شؤون رعاياه وتوسيع نطاق الحضارة في بلاده وإذا أردتم أيها السادات الحاضرون في هذا المحفل أن تتأكدوا صدق مقالي اسألوا الدكتور كيرك قنصل جنرال دولة بريطانيا الحاضر بيننا وهو يسرد على أسماعكم كل ما أجراه السيد برغش من الإصلاح في ملكه.

أيها السادات الحاضرون إن السيد برغش لم يقتصر فقط على إجراء شروط المعاهدة التي عقدها مع الدولة البريطانية بل قد بذل وسعه في إبطال تجارة الرقيق من أصل البر أيضا، فمن كان متصفا بصفات السيد برغش الحميدة وأتى مدينة لندن أكبر مدن الدنيا لا بد من أن يرحب بقدومه كل إنجليزي يحب العمران ويعرف مقام هذا السلطان ويثني على مساعيه الخيرية ما تلألأ الفرقدان وتعاقب الملوان.

أيها السادات الكرام انظروا إلى هذا الشيخ المهيب الجالس عن يمين سعادة السلطان وهو الشيخ أحمد بن سليمان كبير وزراء السيد برغش وأعظم مشيريه واسألوه ماذا كان رأيه في بادئ الأمر لما اقترحت الدولة البريطانية على سعادة السلطان إبطال تجارة الرقيق فإن هذا الشيخ الجليل لما أحيط علما بهذه الاقتراحات استصعبها وحسبها علة خراب المملكة وسبب خسارة عظمى له ولجميع أغنياء بلاده لأنه صاحب أراض واسعة وعقارات وافرة وكان مستوليا على عدد غفير من الرقيق يحرثون أرضه ويزرعونها ويجمعون غلالها فلما رأى بأن الدولة البريطانية تريد إبطال الرقيق وتحريرهم زعم أن ذلك سيترتب عليه خراب دياره لا سمح الله ولكن لما رأى ما آلت إليه بلاد زنجبار من الصلاح والنجاح عقيب إبطال تجارة الرقيق قال : ما كنت أظن أن تضحى عاقبة هذا التغير حميدة ومفيدة كل هذه الإفادة.

والآن ما بقي لنا سوى أن نطمع في همة وعناية تجار الإنجليز من أصحاب الثروة والغنى أن يقصدوا بلاد زنجبار بأموالهم الوافرة وينشئوا فيها بيوت تجارة واسعة فإنها أحسن بلاد أفريقية موقعا وأغناها محاصيل وأخصبها تربة وفيها مرافئ عديدة أمينة للسفن والمراكب ويقصدها أكبر تجار بلاد الهند وغيرها ولها والٍ حكيم ذو همة عالية ورأي سديد يسهر ليلا ونهار على نجاح بلاده وخير رعاياها، ولا خير في حاكم لا يشابه سعادة السيد برغش في الحزم والعزم.

وفي أثناء ذلك ختمت الوليمة في سرور وحبور وخرج السلطان بحشمه يريد منزله بعد أن ودع عمدة لجنة السماكين وزعمائها الذين بعثوا في اليوم التالي علب الحلوى للسلطان وحشمه حسب عادة لجنة السماكين القديمة.

في حضور سعادة السلطان وليمة وزير خارجية الدولة البريطانية لورد داربي

أقام لورد داربي وزير الخارجية مأدبة شائقة إكراما لسعادة السلطان، فأجاب السلطان طلب لورد داربي بلطفه المعهود وشرف المأدبة بحضوره ومعه ثلاثة من رجاله الأخصاء والفقيه جرجس باجر ومستر كليمنت هيل.

ولما بلغ دار الوليمة خرج إلى لقائه لورد داربي ورحب بقدومه ثم أدخله الدار فنهضت زوجته لادي داربي وسلمت على السلطان ورحبت به، وبعد نهاية العشاء قدم الكثيرون من الشرفاء وأصحاب المناصب إلى دار لورد داربي ليحظوا بمشاهدة السيد برغش ويستأنسوا بلطفه.

وكان من جملة من حضروا في تلك الليلة جلالة الملكة نذرلاند وحشمها، وموسوروس باشا سفير الدولة العثمانية، وسفير دولة اوستريا، وسفير دولة جرمانيا، وغيرهم من أكابر القوم وسفراء الدول.

وفي ختام الوليمة انصرفت جلالة ملكة نذرلاند ،ثم خرج بعدها السيد برغش بحشمه وعاد إلى منزله سالما غانما.

في حضور سعادة السلطان للجمعية الجغرافية الملوكية

عقدت الجمعية الجغرافية الملوكية محفلا حافلا في 29 جون (حزيران) (24 جمادي الأولى) إكراما لسعادة السيد برغش أعزه الله، وكان الماجيور جنرال سار هنري رولنس يرأس هذا الاحتفال العظيم، وحضر عدد غفير من الأعيان والعلماء والأدباء والسيدات.

وفي الساعة التاسعة والنصف قدم السلطان وفي معيته الفقيه جرجس والدكتور كيرك، وعند دخوله قاعة الاجتماع حبذه جميع الحاضرين في ذلك المحفل وحيوه بأصوات الحبور والسرور واستقبله رئيس الجمعية ومعاونه بإكرام لائق وأجلسوه في أرفع منزله.

ثم حضر هذا المحفل أيضا سفراء سلطان مراكش السيد عبد الله فنيش، والحاج عبد الرحمن قومندار طنجير، والسيد عبد السلام العريشي من أركان حرب سلطان مراكش، كذلك حضر سار بوين حاكم فكتوريا وغيرهم كثيرون.

وبعد أن جرت مفاوضات علمية في الاكتشافات الجغرافية في قطب الأرض الشمالي وفي أواسط أستراليا الغربية ، نهض الماجيور جنرال سار هنري رولنسن وخطب خطبة وجيزة قال فيها:

“أيها السادات الكرام يرحب بقدوم سعادة السيد برغش إلى هذه البلاد جميع سكان لندن العظمى، ولكن يحق على أعضاء هذه الجمعية الجغرافية الملوكية أن ترحب بقدومه أفضل ترحاب حال كون سعادته عضوا من أعضاء هذه الجمعية، وقد شرفها هذه الليلة بحضوره السعيد وقد صرف عنان العناية بمساعدة جميع السياح الذين أرسلتهم هذه الجمعية للسياحة في أفريقية واكتشاف خبايا تلك القارة الواسعة، ولولا عناية السيد برغش ومساعدته لما تمكنت هذه الجمعية الجغرافية من إرسال مدد ونجدة ومؤونة إلى رجالها السائحين في داخل قارة أفريقية.

لا يخفى عليكم أيها السادات الكرام أن صلات الحب والوداد بين زنجبار وبريطانيا كانت من عهد أجداد السيد الكرام : ففي بدء القرن التاسع عشر عقدت الدولة البريطانية معاهدة ودية مع حكام تلك البلاد ، ومن ذلك العصر إلى الآن ما زال أولادهم وأولاد أولادهم إلى عهد هذا السيد الشريف الحاضر بيننا يحافظون على صداقة الدولة البريطانية.

إن السيد برغش لم يقتصر على تمهيد السبيل إلى مصالح الإنجليز السياسية في بلاده فقط بل قد عني غاية العناية في توسيع نطاق الحضارة والتجارة في مملكته السعيدة وراعى ذمام الإنجليز وقبل بتمام القبول اقتراحات الدولة البريطانية فيما نيط بإبطال تجارة الرقيق من بلاده، ولهذه البواعث كلها علينا نحن معشر الإنجليز أن نثني على همم هذا السلطان الجليل وأنه لفرض واجب على هذه الجمعية الجغرافية التي قد تشرفت بحضور سعادته أن تشكره على هذه المنة العظيمة، وما زاد هذه الجمعية امتنانا هو لا جمعية سواها قد حصلت على شرف يوازي شرفها الحالي فإن سعادة السلطان برغش قد اقتصر على أن يكون عضوا من أعضاء الجمعية الجغرافية وحدها فقط ، وقد حصر هذا الشرف كله جمعيتنا الملوكية”.

ثم طلب سار رولنسن إلى الجنرال ركبي الذي كان سفير الإنجليز سابقا في زنجبار أن يتلو على أسماع الحاضرين ما شاهده في زنجبار من مساعي السيد برغش الحميدة، فنهض الجنرال ركبي وأخذ يشير إلى سعة مملكة زنجبار وحدودها كما كانت مرسومة في خريطة رسم الأرض المعلقة في جدار القاعة وقال:

“إن لزنجبار أهمية عظمى لنجاح أفريقية كلها ، وهذا كله منوط بإرادة السيد برغش، ومن دون حسن إدارته لا يتيسر لأحد أن يبادر لإصلاح تلك القارة وتهذيب قومها ، وزد على ذلك أن أراضي زنجبار لا مثيل لها في خصب التربة على سطح البسيطة بأسرها، وأول من عني في إدخال الإصلاح والتمدن في زنجبار كان والد السيد برغش المغفور له ، ولما كان الولد سر أبيه حذا السيد برغش حذو والده وأفرغ همته في إكمال ما كان قد باشره والده المغفور له.

ومما لا قدرة لنا إنكاره هو أن بلاد الإنجليز في احتياج عظيم إلى بعض محاصيل زنجبار، فإنها أعظم بندر في الدنيا لتجارة العاج ولتجارة القرنفل والصمغ والسكر والقطن إلى غير ذلك ولنا أن نقول قولا لا يخشى عليه من منكر إن غلال زنجبار وتجارتها لا حد لها ولا نهاية والأنهر التي تسقي أراضيها قد عني بتعقيمها وصارت تصلح لسير السفن ، وقد صرف السلطان همته إلى فتح الطرقات في داخل الجزيرة لتسهيل الاسفار ونقل الأموال ولنا ثقة تامة في همم سعادته العلية ألا يألو جهدا في إتمام ما باشر من أجل خير المملكة والعالم أجمعين”.

ثم أوعز السلطان إلى حضرة باجر الفقيه أن يترجم خطابه الذي يشكر فيه أولئك السادات لطفهم ومكارمهم وقال: قد أوعز إلي السلطان أن أعرب لكم عما في نفسه من الشكر الجميل لأفضالكم، ولكن قبل ذلك قد قلت له إن من عاداتنا نحن معشر الإنجليز إذا أراد خطيب أن يخطب في قوم وكان بينهم من السيدات الكريمات وجب عليه أن يوجه خطابه أولا إلى السيدات قبل الرجال، فما رأيك أيها السلطان في هذا؟ هل أستسن بسنة أهل المشرق الذين يفضلون ذكر الرجال على النساء أم أحذو حذو الإنجليز في ذكر السيدات قبل الرجال؟ فقال السلطان برغش: أنحن في بلاد الشرق أم في بلاد الإنجليز؟ أما يجب علينا أن نستسن بسنة القوم الذين نحن مقيمون في بلادهم؟ فوجه خطابك إذًا أيها الفقيه أولا إلى السيدات ثم أردفهن بذكر الرجال فنكون مثل باقي الناس ولا بأس، فلما سمعت ذلك السيدات الحاضرات في المحفل رفعن أصواتهن بسرور وقلن: حبذا حبذا سيد اللطفاء وسلطان الظرفاء.

ثم قال الفقيه:

“أيها السيدات الكريمات وأيها السادات الكرام قد أثر مدحكم غاية التأثير في نفس سعادته، ولم ينس عمره بطوله ما اسديتموه إليه من الثناء والترحاب بالتحبيذ والتبجيل وقال: لو كانت كل جوارحه لسانا لما قام حق القيام بتقديم الشكران على أفضالكم الأثيلة ولولا ضيق الوقت لكان أوعز إلي أن أطيل الخطاب في الرد على كل ما ابديتموه نحو سعادته من التعظيم والتفخيم”.

ثم نهض رجل من أعضاء الجمعية وقال:

“قد بلغ مسامع أعضاء هذه الجمعية أن أهالي زنجبار يقتلون الأفيال عند قنصها ليخرجوا أسنانها وباقي عظامها ويتاجروا بها وكان حقهم أن يستأنسوا الأفيال عند قنصها ويستخدموها في مهمات العيشة بعد قلع أسنانها”.

فقال السيد برغش في جوابه: قل أيها الفقيه لحضرة الخطيب إن الله سبحانه وتعالى لا يسأل مخلوقا عن شيء لا يعرفه ولا يطالبه يوم الدين بأمر لم يدر طريقة عمله بصواب، ومعشر الأفريقانيين لا يعرفون طريقة قنص الأفيال دون قتلها، فليأت هذا الخطيب البارع إلى أفريقية ويعلمنا طريقة قنص الفيل وقلع أسنانه وإخراج عظمه للتجارة ولعمل الأواني العاجية من دون قتله، وإن اعترض علينا وقال إن الإبقاء على الأفيال خير من التجارة بأسنانها وعظامها فنقول له : حرم أولا على أمتك اتخاذ العاج قلما (سبيلا) للتجارة فتكسد سوقه ويكف الأفريقيون عن قنص الأفيال وقتلها”.

فلما ترجم الفقيه باجر هذا الكلام على الحاضرين أفرطوا من الضحك والسرور وهتفوا بأعلى صوتهم وقالوا نعم الجواب ما أجاد به السيد برغش، فإن وجد الناس طريقة سهلة لقنص الأفيال واستخراج عظامها دون قتلها تمكنوا من استخدام الأفيال بمنزلة عجلات ومركبات لنقل الأموال عليها ولكن هيهات فإن إخراج عظم حيوان والإبقاء على حياته ضرب من الخيال، فقهقه الحاضرون ضحكا من ذلك.

بعد ذلك استأنف سار رولنسن كلامه قائلا:

“أيتها السيدات المصونات ويا أيها السادات الكرام، قد حق علي ان أطلب إليكم أن ترفعوا أصواتكم وتدعوا لسعادة السلطان بطول البقاء والإقبال وتشكروا لسعادته تشريفه هذا المحفل الشائق بحضوره الجليل، وبما انه عازم على الإياب إلى أوطانه السعيدة عن قريب بالسلامة يجب على كل من حضر هذا المحفل وعلى كل من افتخر بكونه انجليزيا أن يشيع سعادته بسلام ويصحبه بقلبه وعواطفه وحبه إلى زنجبار ويتمنى له ولملكه تمام النجاح والإقبال آمين “.

وفي أثناء ذلك نهض السيد برغش في حشمه وصافح زعيم المحفل وباقي رجال عمدة الجمعية، وانصرف إلى منزله سالما غانما، وذكر ذلك المحفل العلمي مطبوع في صحائف فؤاده اللبيب.

=======•••=======

*المرجع: تنزيه الأبصار والأفكار في رحلة سلطان زنجبار، تأليف زاهر بن سعيد، تحقيق أحمد الشتيوي، 2007، وزارة التراث والثقافة مسقط.

المرجع

Your Page Title