الأولى

قصتها تُلهِم النساء: الحاجة أعطتها دافعًا لتصبح أول مدربة سياقة عُمانية

قصتها تُلهِم النساء: الحاجة أعطتها دافعًا لتصبح أول مدربة سياقة عُمانية

إعداد - ريما الشيخ

في عالم يتزايد فيه اعتماد النساء على المهارات الشخصية لتحقيق النجاح، تبرز قصة مدربة السياقة فاطمة الرواحية واحدةً من الأمثلة الملهمة للإرادة والتحدي، فلم يكن قرارها بتعلم القيادة مجرد خطوة لتلبية احتياجات شخصية فحسب، بل تحول إلى رسالة تمكين للنساء الأخريات.

في رحلة بدأت بسبب ظروف عائلية صعبة، استطاعت الرواحية أن تصبح مرشدة وموجهة لأجيال من السائقات، وتحقق نجاحًا لا يقتصر على تعليم القيادة فحسب، بل في غرس الثقة وتحفيز المتدربات على تخطي العقبات بثبات.

فكيف بدأت فاطمة الرواحية مشوارها؛ لتصبح أول مدربة سياقة للنساء في سلطنة عمان؟

في نهاية التسعينيات، بدأت مسيرة فاطمة الرواحية في عالم تعليم القيادة، وكان الدافع وراء هذه الرحلة ظروف عائلية صعبة بعد وفاة زوجها، فوجدت نفسها أمام تحدٍ كبير بضرورة تعلم القيادة لتلبية احتياجات أسرتها خصوصا مع وجود أطفال صغار يتطلبون رعاية مستمرة وتنقلات يومية، ففي ذلك الوقت، لم يكن من السهل الحصول على سائق للأسرة، الأمر الذي دفعها لاتخاذ قرار جريء بتعلم القيادة بنفسها، وهو قرار كان نادرًا بالنسبة للنساء في تلك الفترة.

تواصلت الرواحية مع أحد المدربين المعروفين في المنطقة، وهو المدرب الفاضل أبو محمد محفوظ الخربوش، الذي كان مسؤولًا عن تعليمها قيادة السيارات ذات الجير العادي، حيث كانت السيارات الأوتوماتيكية قليلة الاستخدام في ذلك الوقت، ولم يكن الطريق سهلًا، إذ احتاجت إلى عدة محاولات قبل أن تنجح في اجتياز اختبار القيادة في المرة الثالثة بعد تدريبات مكثفة بمنطقة القرم.

وبعد نجاحها في اجتياز اختبار القيادة، لم تكتفِ الرواحية بتحقيق هدفها الشخصي فقط، بل شعرت بواجب نحو المجتمع، وبخاصة النساء اللواتي كن يواجهن التحديات نفسها التي واجهتها، فبدأت بالتفكير في كيفية نقل خبرتها ومعرفتها إلى النساء الأخريات، خاصة في ظل الحاجة الكبيرة لتعليم النساء القيادة في ذلك الوقت.

هكذا انطلقت رحلتها في تعليم السياقة للنساء، حيث أصبحت مدربة تقدم المساعدة والدعم للعديد من النساء اللاتي يرغبن في تعلم القيادة، ولم تكن بداية مشوارها كمدربة سياقة خالية من التحديات، حيث واجهت فاطمة الرواحية صعوبات كثيرة مع بعض المتدربات، حيث كان الكثير من النساء غير مطلعات على أساسيات القيادة، خصوصًا أن الرموز المرورية والخطوط على الطرق لم تكن معروفة ومفهومة بالشكل الكافي في ذلك الوقت، وهذا النقص في المعرفة أدى إلى الكثير من الصعوبات خلال التدريب، حيث كان عليها أن تشرح الأساسيات بشكل مستفيض وتقدم دعمًا إضافيًا للمتدربات حتى يتمكنّ من القيادة بثقة.

ومع مرور الوقت، أصبحت الرواحية جزءًا مهمًا من حياة العديد من النساء اللاتي تخرجن من تحت يديها كمدربات ماهرات، واحدة من القصص التي تتذكرها المدربة وتذكرها لـ “أثير” بفخر هي قصة سيدة في الستينيات من عمرها، كانت جارتها، وطلبت منها تعلم القيادة، ورغم شكوك المدربة في البداية بشأن قدرة السيدة على تعلم القيادة في هذا العمر، إلا أن السيدة أظهرت إصرارًا كبيرًا وتمكنت من اجتياز اختبار القيادة في المحاولة الثالثة.

على مدى مسيرتها، تعلمت الرواحية أن القيادة ليست مجرد مهارة تقنية، بل هي مسؤولية كبيرة تتطلب الحذر والانتباه في كل لحظة، ومن المواقف الصعبة التي واجهتها خلال تدريب إحدى المتدربات كانت عندما كانت تُدرِّب وافدة لم تكن تلتزم بتعليماتها بالشكل المطلوب، مما أدى إلى موقف خطير عند دخول دوار مروري، لكن بفضل يقظة المدربة فاطمة وتدخلها في الوقت المناسب، تمكنت من تجنب وقوع حادث خطير، ما أكد لها مرة أخرى أهمية الحذر والتحكم الكامل في السيارة خلال التدريب.

وقد تلقت الرواحية دعمًا كبيرًا من المجتمع المحلي ومن إدارات المرور، التي كانت دائمًا داعمة لجهودها في تعليم النساء القيادة، حيث عبرت عبر “أثير” عن امتنانها العميق للمقدم ميمونة الحضرمية، التي قدمت دعمًا مستمرًا لمدربات السياقة، وللفاحصين والفاحصات الذين كانوا دائمًا داعمين لها ولزميلاتها.

بفضل التزامها وتفانيها، تمكنت المدربة فاطمة الرواحية من بناء سمعة طيبة كواحدة من أبرز مدربات السياقة في منطقتها، وقدمت نموذجًا يحتذى به للنساء في كيفية تحقيق النجاح رغم التحديات، فتركت بصمة واضحة في حياة العديد من النساء اللواتي تمكنّ من تحقيق استقلالهن بفضل قدرتها على تشجيعهن وتذليل الصعوبات التي واجهنها في طريق تعلم القيادة.

Your Page Title