آراء

سعود الفارسي يكتب: المتسلقون على ظهور الضعفاء !

سعود الفارسي يكتب: المتسلقون على ظهور الضعفاء !
سعود الفارسي يكتب: المتسلقون على ظهور الضعفاء ! سعود الفارسي يكتب: المتسلقون على ظهور الضعفاء !

سعود الفارسي

في الوقت الذي تمر فيه الدولة بمنعطفات اقتصادية كبيرة ، ارتأى صناع القرار في البلاد ضرورة فرض بعض الإجراءات التقشفية لرفد موازنة الدولة من جانب ، وتخفيف الضغط على الصرف من تلك الموازنة من جانب آخر ، وكان من بين تلك الإجراءات رفع تسعيرة الوقود بشكل تصاعدي منذ أشهر طويلة إلى أن وصل الفارق الآن إلى مايزيد على ٧٥ بيسة في اللتر الواحد ، ما جعل الكثير من المواطنين يبدون امتعاضهم من مثل هذه الإجراءات في محاولة لإيصال رسالة واضحة ومحترمة لأصحاب القرار لمراجعة تفاصيل وتداعيات تلك القرارات من ناحية ، ولمراعاة ذلك بالنسبة لما قد يتخذون من قرارات مستقبلا من ناحية أخرى. وإبداء الامتعاض ورد الفعل بشكل راقٍ وحضاري لهو أمر صحي جداً ويعكس وعياً كبيراً في الأوساط الاجتماعية المختلفة، والأجمل من ذلك الوعي هو قيام مجلس الشورى بتبني تلك النداءات ومحاولة مناقشتها بشكل جدي لإيصالها بشكلها الذي ينبغي أن تكون عليه للحكومة ، كما وأن تجاوب الحكومة ” الجزئي ” لهو مؤشر جيد أيضا على وجود نوع من التفاعل من قبلهم مع قضايا المجتمع وهمومه.

وفِي ظل هذا التفاعل الجميل والتواصل الحضاري الراقي بين جميع الأطراف يأبى بعض المتسلقين إلا وأن يفسدوا ذلك التفاعل والانسجام بين جميع تلك الأطراف وينغصوا فرحة المواطن ” النسبية “ويعمدوا إلى رفع ضغطه من خلال توجيه أصابع الاتهام له بغياب الإحساس بالمسؤولية الوطنية ، ووصفهم إياه بالأنانية وعدم التفكير في الأجيال القادمة !! كم هي رخيصة محاولة الصعود والحصول على الشهرة وعلى ما في نفس ” يعقوب ” من خلال تسلق ظهور الفقراء وتعمد العمل على انتشار مقالات كهذه من خلال تطبيق مبدأ ” خالف تعرف ” !! بالله عليك يا صديقي الكاتب أوبعد كل هذا الصبر والجَلَد والتضحيات التي أظهرها العمانيون خلال أشهر طويلة منذ بداية الأزمة الاقتصادية أيحق لك الآن أن تصفهم بتلك الطريقة التي ذكرت في مقالك ! الترقيات متوقفة في القطاع المدني منذ زمن ، العلاوات الدورية في القطاع المدني أيضاً متوقفة ، قيمة الكثير من الرسوم ارتفعت وآخرها رسوم تجديد صناديق البريد للضعف ، الوقود وأسعاره ترتفع بشكل تدريجي بشكل شهري مع ما يصاحب ذلك بالضرورة من ارتفاع في السلع والخدمات ، ومع ذلك كله لم يُبْدِ الناس أي اعتراض بل قبلوا كل ما تم إقراره من الحكومة مع قليل من التذمر من قبل البعض ، أومن الإنصاف ألا تذكر أياً من ذلك ! أولم تتفكر بينك وبين نفسك ما الذي جعل الناس تصبر وتتحمل ! أوليس حب الوطن ! عشق الوطن ! الإحساس بالمسؤولية تجاه الوطن !! يالعجبي!! الناس لم تتكلم ولم تتذمر إلا عندما بدأت تحس بضغط كل تلك الإجراءات والقرارات ، الناس ما تزال صابرة وستظل صابرة ، فهي مع الوطن ، فعمان خط أحمر عند جميع العمانيين بلا شك .. فهم ليسوا بحاجة كي تأتي وتعلمهم أنت أساسيات المواطنة الصالحة يا صديقي . المضحك أن مثل هذا الكاتب ما إن يجد أن هنالك موضوعاً وطنيا يطفوا على السطح إلا وحاول الاصطياد فيه ! وغالباً ما يكون نقده واتهاماته للمواطن !! لماذا يا ترى ؟! وعندما أقول بأن التسلق على ظهر الفقراء فأنا أعنيها جداً جداً ، حقيقة لم أَجِد لهذا الكاتب مقالا واحدا “عليه القيمة ” يقيم فيه عمل الحكومة بشكل موضوعي ! فمثلاً .. لو نظرنا لكثير من مباني الوحدات الحكومية الحديثة سنجد حجم البذخ المالي الكبير في الصرف على بنائها ، وأن مكتب المسؤول الواحد في بعضها مع موظفي مكتبه قد يشغل طابقاً كاملاً بذلك المبنى في كثير من الأحوال.. فبالله عليك أوَليست كهذه الموضوعات جديرة بالحديث عنها !! لماذا لا تتعرض لموضوعات كهذه بشكل موضوعي وهي موضوعات كانت سبباً كبيراً لهدر كم كبير من أموال الدولة والتي هي أيضا كان بها نصيب للأجيال !!

أخيراً يا صديقي ، العمانيون يعلمون جيداً أساسيات المواطنة الصالحة ، هم كانوا وما زالوا وسيظلون حصن عمان الأول وسدها المنيع ، وهم مستعدون للوقوف مع وطنهم لآخر رمق من حياتهم ، وكون أنهم قد يتكلمون أحياناً ويتذمرون أحياناً أخرى مبدين امتعاضهم من بعض الإجراءات والقرارات الحكومية لهو أمر صحي جداً ولا علاقة له بضعف المواطنة ، فنحن شعب تربى على النهج القابوسي منذ نعومة أظفاره ، وكبر على العزة والكرامة والأخلاق الحميدة وعشق الوطن وتقديس ترابه ، فلا تزايد على حبنا ولا على انتمائنا ، واعلم جيداً أن تلاعبك بهذه الأوتار مرفوض جملة وتفصيلا ، فأوتار الوطنية حادة جداً ياصديقي ومقدسة ، ومحاولة العزف عليها كفيل بجرح أصابعك إن لم يتسبب في قطعها وبترها ، وتذكر أن المواطنة ليست صكوكاً للغفران أو أحكام براءة تقوم بتوزيعها كيف تشاء.

Your Page Title