الكتابة – الحُلم
حُلمُ – الكتابة
قراءة في الإبداع الخليجيّ المعاصر
( شعر – قصّة قصيرة – رواية )
عِذاب الركابيّ
محمد الهادي الجزيري
بدأ بالشعراء كالعادة ..فهم حداة القافلة ..وخير ما يستهلّ به المسيرة قولة الشاعر الدنماركي نيلس هاو ” القصيدة ُ أشبهُ بالوقوعِ بالحُبِّ مجدّداّ ..”…
ثمّ تناول بالدرس والتمحيص مجاميع كلّ من الشعراء : سعاد الصباح عن ديوانها ( الشعر والنثر..لك وحدك ) وسيف الرحبي عن ديوانه ( حيث السحرة ينادون بعضهم بأسماء مستعارة ) وعبد الرزاق الربيعي عن ديوانه ( خرائط مملكة العين ) وكذلك المبدعة ظبية خميس عن ديوانها ( انتحار هادئ جدّا ) وأنهى سلسلة الشعراء بالشاعر محمّد فرج العطوي عن ديوانه ( على حافة الصمت ) ..وقد سرح الكاتب في هذه المجاميع وأسهب في البحث والتدقيق فيها ممّا أفاد القارئ ووضّح له أمور كثيرة وسوف نكتفي بمقطع كتبه عذاب الركابيّ عن مسيرة أحد هؤلاء المبدعين الأفذاذ :
” ….الشاعر عبد الرزاق الربيعي العازف الأمهر !!
طوال مسيرتهِ الإبداعية – الشعرية ، وهو يفيضُ بمشاعرَ لا حصر لها ، عطرُ قصيدته الإخلاص حتّى العظم لما يراهُ ويُؤمنُ بهِ ويُحبُّه، ويبعثرهُ كلّ لحظةٍ من لحظاتِ زمنهِ الخائن .. مخلصٌ للقصيدةِ – أنثاهُ فتنة الكون التي لمْ تعُد منجمَ دفئهِ ، وسكنهِ ، وشمسه ، ودليله فحسب ، بل خلاصهُ .. حريتهُ القصوى التي سُرقتْ مع الوطن ، وأهله الطيبون نيام ..”
كما بدأ مع الشعراء عاود الكرّة مع كتّاب القصة وعنون محتوى ما سنقرأه ب : ثانيا : كتّاب القصّة القصيرة ..، ومهّد له بما حبّرته الكاتبة العالمية إيزابيل اللندي بخصوص القصة القصيرة وما يجب عليها فعله لكي تنجح في غواية القارئ ، إذ تقول:
” تُشبهُ القصّة القصيرة السهمَ ، ولابدّ أن تعرفَ إلى
ماذا تهدفُ ، وتحدّدُ اتجاهَهُ الصحيح من البداية،
الأهمُّ ليسَ ما تقولهُ بلْ كيفَ تقولهُ ، ولها نهاية واحدة
ملائمة ، إنْ لمْ تجدها فلا جدوى من العمل عليها”.
ثمّ عرّفنا بالكتّاب الذين سيتناولهم ومجاميعهم بالدرس والتمحيص وهم:
-عبدالقادر عقيل في : ( إثنا عشرَ ذئباً على مائدتي)
– علي المسعودي في : ( جِلسة تصوير)
– فاطمة يوسف العلي في ( وجهُها وطن )
– خمس قصص قصيرة من قطر ( قطاف)
وسنكتفي في هذه الفسحة أن ننقل لكم ما قاله الكاتب عن علي المسعودي ..:
” في ” جِلسة تصوير” القاص علي المسعودي كاتب مجرّب بامتياز !!
لحظة مغامرة ، وسباحة ُمحترفٍ في بحار لغةٍ ماتعةٍ غريزيةٍ نابعةٍ من الأحشاء ، ولها علاقة بكهرباء الجسد الحالم ، وبتعبير موريس بلانشو ” لغة ملتحمة بحميمنا السريّ ، الشيء الذي هو أقرب ما يكون لنا ”
وأخيرا ينهي عذاب الركابيّ كتابه بالرواية ومن أسرت في حبّها من مجانين ولعوا بها مثل الأسماء التي افتتح بها هذا الفصل ..وهم :
– زينب حفني في : ( عقل سيّء السمعة )
-عبدالعزيز الصقعبي في : ( مقامات النساء)
-عبدالقادر عقيل في: ( ليلة البلور)
– فاطمة يوسف العلي في : ( غرف متهاوية)
– فتحية النمر في : ( كولاج )
– ليلى الثمان في : ( خذها .. لا أريدها )
وقد ارتأى مثل الفصلين الأوّلين أن يستهلّ بقولة من مدوّنة المشاهير ..وقد كانت هذه المرّة لميشال بوتور :
.” إنَّ الرواية في أفضل أشكالها ، إنِّها تقصّ
بواسطة مغامرات أفراد ، حكاية تحركات مجتمع
بأسرهِ “.
وقد انتقيت لكم من جملة ما دوّنه الناقد عذاب الركابيّ ..من جمل وأفكار ..في مفتتح كتابه إذ أنّه قال في تصديره:
” …. أردتُ أن أحتفي بإبداعاتهم ، أهمسُ بمحبتي لهم ، وأقيم كرنفالاً روحياً لما تفيضُ بهِ قرائحهم من لآليء الأسرار ، فوجدتني أتماهى ، بزهوٍ ، وهمومهم ، ثمرتها هذا القبسُ من الكلمات البركانية ، وقد لبست ثوب القصيدة ، وسحر المزامير ، فقط لأقيمَ مملكة لأحلامهم التي يصعب تأجيلها أو قمعها ، وابتهل ووضوئي دمعُ أجسادهم النَّحيلة ، لمواكب انتمائهم للإنسان ، وانتصارهم للوطن .. للحرية .. وللحياة !”.