أبجد

كيف هو العيد في قاموس الشعراء؟

كيف هو العيد في قاموس الشعراء؟
كيف هو العيد في قاموس الشعراء؟ كيف هو العيد في قاموس الشعراء؟

مسقط-أثير
إعداد: عهد الغابشية


إنها أيام مباركة، ينتظر الكبير فيها قبل الصغير ذلك الصباح، صباح تتعالى فيه التكبيرات من كل حدب وصوب، ويتزين فيه الأطفال بأبهى الملابس وأجملها، صباح له طقوسه الخاصة، وشعوره المختلف، صباح عيد الأضحى المبارك، إذ أكرمنا الله سبحانه وتعالى بهذه المناسبة العظيمة التي تبعث شعور البهجة والفرحة لكل مسلم.

الشعراء بإحساسهم المرهف أكثر الناس تعبيرًا عما يجوب في خواطرهم، فقال عنهم أحمد شوقي (أنتم الناس أيها الشعراء)، والجدير بالذكر أن لكل شاعر طريقته الخاصة والمميزة في وصف مشاعره وترجمتها. وفيما يتعلق بالعيد نجد الكثير من الشعراء قديمًا وحديثًا يصفونه من خلال كلمات منسوجة بالفرح ومغلفة بالحب، يقرأها القارئ ويحن للعيد وفرحته.

وفي هذا التقرير سنعرض بعض الأبيات المتنوعة من شعراء مختلفين، منهم من وصف العيد بفرحة، ومنهم من جعل العيد سببًا لذكرى حزينة، ومنهم من جعل العيد سبيلًا للنصح والوعظ.

يخطر ببال القارئ أولًا القصيدة الشهيرة التي تتراقص في ألسنتنا دائمًا للشاعر الصنديد المتنبي، والتي قالها ليلة خروجه من مصر وكانت ليلة العيد، عندما قرر مغادرة مصر غاضبًا من كافور الإخشيدي، الذي وعده ولم يف بوعده، فقال المتنبي وهو في طريقه للشام:
عيدٌ بأيةِ حالٍ عدتَ يا عيدُ
بما مضى أم لأمرٍ فيكَ تجديدُ
أما الأحبةُ فالبيداءُ دونهمُ
فليتَ دونك بيدًا دونها بيدُ



ومن الأشعار التي تصف صباح العيد والفرحة التي تعم البيوت، أبيات لشاعر العراق الكبير معروف الرصافي، التي قال فيها:
أطلَّ صباح العيد في الشرق يسمع
ضجيجًا به الأفراح تمضي وترجعُ
صباح به تُبدى المسرة شمسها
وليس لها إلا التوهم مطلعُ



كما قال الشاعر العماني ابن رزيق أبياتًا يهنئ ممدوحه بالعيد، في أبيات مزجت بين التهنئة والمدح، قائلًا:
هَنِئْتَ بالعيد بل يَهْنا بك العيدُ
يا ذا الذي مجدُه بالنصرِ ممدودُ
لولاكَ في الأرضِ لم يَخْضَرَّ من كرم
عودٌ ولا فاحَ من نشر الثَّنا عُودُ



وإلى جانب آخر لا يخلو العيد من بعض المنغصات، إذ عبر الشاعر العراقي السيد مصطفى جمال عن العيد الذي لا يشاركه فيه الأهل والأحباب، ونرى في كلماته حزنا عارما صاغه في أبيات، منها:
هذا هو العيد، أين الأهل والفرح
ضاقت به النفس، أم أودت به القرح؟
وأين أحبابنا ضاعـت مـلامحهم
مـن في البلاد بقي منهم، ومن نزحوا؟



ولم ينس الشعراء الجانب الديني، بل جعلوا العيد تذكيرًا للعامة حول المعنى الحقيقي له، وإنه ليس فقط لبسا جديدا ولهوا، بل له معنى آخر وأهم، فقال الشاعر أبو إسحاق الألبيري في هذا الخصوص:
ما عيدك الفخم إلا يوم يغفر لك
لا أن تجر به مستكبرًا حللك
كم من جديد ثياب دينه خلق
تكاد تلعنه الأقطار حيث سلك
ومن مرقع الأطمار ذي ورع
بكت عليه السماء والأرض حين هلك




وكذلك استغل الشاعر محمد الأسمر فرصة العيد ليذكر فيها بالخير ويحث على الصدقة؛ لما في الصدقة من أجر للمتصدق وتخفيف العبء وبث الفرحة على الفقراء والمساكين، فيقول في أبيات رائعة تحمل معاني هادفة:
هذا هو العيد فلتصف النفوس به
وبذلك الخير فيه خير ما صنعا
أيامه موسم للبر تزرعه
وعند ربي يخبي المرء ما زرعا
فتعهدوا الناس فيه: من أضر به
ريب الزمان ومن كانوا لكم تبعا
وبددوا عن ذوي القربى شجونهم
دعــا الإله لهذا والرسول معا
واسوا البرايا وكونوا في دياجرهم
بــدرا رآه ظلام الليل فانقشعا






وهناك لون مختلف عند إيليا أبو ماضي، فيقول أبياتًا معتذرًا فيها بطريقة شعرية وغزلية عن تقديم هدية إلى محبوبته، وهي:
أيّ شيء في العيد أهدي إليك
يا ملاكي، وكلّ شيء لديك؟
أسوار؟ أم دملجا من نضار؟
لا أحبّ القيود في معصميك



وهذه الكلمات التي تتغنى في آذاننا تعد وقودًا للقارئ، فمن خلالها يشعر بقيمة العيد ويبعث في نفسه شعور الرغبة في تسريع عقارب الساعة حتى نصل لذلك الصباح البهيج، فالشعراء جميعًا يستخدمون قريحتهم الشعرية ليترجمون فرحة وإحساس الناس عامة، وعلى هذا الطريق سار الشعراء العرب، يطربون أسماعنا بكلماتٍ ذات موسيقى هادئة ومعنى دقيق، يحملون قلوبنا نحو السماء، فمعنى العيد يختلف في قواميس الشعراء، وكل شاعر يعرّفه بمعنى مغاير عن الشاعر الآخر. لكن تبقى فرحة العيد لا تضاهيها فرحة، وهذا ما أوصى عليه نبينا الكريم، أن نفرح بالعيد ولا نجعل للحزن دربًا في ذلك اليوم.

وختامًا كل عام وأنتم بخير .

Your Page Title