فضاءات

شمَّاعةُ اﻷمن

Atheer - أثير
Atheer - أثير Atheer - أثير

موسى الفرعي

 

يَقولُ عَّز وجل: ( وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ). صدق اللهً العظيم

 

تَرددتُ كثيراً قبلَ أَنْ أَضعَ أَيَّ نُقطةٍ على الورقِ، ﻷنّي قَدْ قُلتُ في مَراتٍ سَابقة ٍأني لا أَزعمُ أننا نَسكنُ مَدينةً فاضلةً،ومثلما ننعم هنا بالأمن والاستقرار، فكل بلدٍ ينعمُ بذلك أيضاً وإنْ كان بشكلٍ نسبيٍّ، إِلا أن مَنسوبَ الِنعمِ يَتفاوتُ بين بَلدٍ وآخر، وما نَعيشهُ في ظلِّ اﻷمن ِوالاستقرارِ في هذا البلدِ المباركِ أمرٌ مَحسوسٌ لا يُنكرهُ اﻷعمى قبلَ البصيرِ، فكيف يَشكُّ بهذا عاقلٌ ذو قلبٍ وبصرٍ،وكلُّ من يدَّعي أو يَحاولُ أن يُلبسنا ثوبَ المبالغةِ فليتتبع معنا المشاهدَ المرئية َأو الصوتيةِ التي يَتمُّ تَداولها عبرَ كلِّ وسائلِ التواصلِ الاجتماعي ليدركَ مدى الصراعاتِ المذهبيةِ والفسادِ الداخلي الذي يَهزُّ أركانَ الطمأنينةِ الاجتماعيةِ،وهي حقُّ الفردِ الطبيعيُّ في الحياةِ،فهناك ضغائنُ وأحقادٌ طائفيةٌ تُورَّثُ للأطفالِ، وهنا تعدديات مذهبيةُ يَنعمون َبالسلامِ في ما بينهم ذلكَ لأنَّ الفواصلَ جميعُها قد ذابت بين كلِّ شيءٍ، وهناك فسادٌ داخلي خفيُّ يَظهرُ بين حينٍ وآخر َيَهزُّ ثقة الفردِ، وأما هنا فهناكَ مطاردةٌ للفسادِ أنّى كان وفضحها أمامَ العدالة ِالقانونيةِ والعدالة الإنسانيةِ، هذا هو الفرقُ (إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ )، وكي لا يُفسَّرَ قولي خطأ أَقولُ بأنَّ ما يُمارسُ من قِبل أجهزةِ الدولةِ المختلفة من عَدالة ٍومُطاردةٍ لِلفسادِ ليس تَفضلاً بل هو واجبٌ مُمارسٌ بإخلاص فإن لمْ يَقم كلٌّ بواجبه فعليه أن يُخلي المكان لمن هو أهلٌ لذلك.

 

أما بالنسبةِ للمتطلبات الإنسانية اﻷخرى فهي من الضروراتِ كما تَحدثتُ عنها في مقالٍ سابقٍ عبر نَظريةٍ عَالِمِ النفسِ الأمريكي ابراهم ماسلو، ولكن هذه الاحتياجات الإنسانية تُصبحُ كلُّها غيرَ ذاتِ أَهميةٍ وتَخرجُ من كونها ضروريات إِلى زوائد ﻷنَّ حَقنا الطبيعيَّ في مُمارستها قد انعدمَ، بانعدامِ اﻷَمنِ والاستقرارِ، وليست محاولة التشكيك والتذمر إلا مجرد فعلٍ شخصي من القلَّة ِلا لشيء إنما كي يمنحَ نفسه الإحساسَ بالمسؤوليةِ وهذا أمرٌ حسن أن يكسبَ الإنسانُ هذا الحسَّ ولكن عليه أن يَضعهُ في موضعهِ، فكلنا نؤمنُ بقائدٍ يَقودُ البلادَ نحو الأفضل دائماً، وخلفه رجالاتٌ آمنوا بحكمته.

 

إذنْ فالأمنُ ورجالهُ ليسوا مجردَ شماعةٍ نعلِّقُ عليها الأخطاءَ، ولكن حين يكون المسؤول غيرَ قادرٍ على ممارسةِ واجبه بإخلاص تام فلن يَظلَّ في مكانهِ، هذا هو منطقُ هذه البلادِ المباركةِ لأن مصلحةَ الأرضِ والإنسانِ هنا تأتي أولا وبعدها تأتي كلُّ الأشياء، هذا ما أَؤمنُ به حتى النفس الأخيرِ.

Your Page Title