أخبار

حالة إساءة تلقاها “خط الطفل”: طلبت منه تعبئة هاتفها فنفّذ خطةً لابتزازها

أثير- سيف المعولي

بعمرها الطفولي كانت “تختال” في الحفلة العائلية بإحدى المزارع فرحًا وزهوًا، وتتنقل بين صويحباتها والحاضرين بكل سعادة وسرور، لكنها لم تعلم بأن حضورها في ذلك اليوم لن يمر مرور الكرام، وسيكون “له ما بعده”، وأن انتهاء بطارية هاتفها سيفتح لها جُرحًا قد “لا يندمل”، وآلامًا نفسية ربما لا تستطيع الأيام محوها؛ كيف لا، وما حدث اغتال فيها عمر الزهور، وحوّل طفولتها إلى كهولة من التفكير والخوف من الفضيحة والمستقبل.

كعادة الحاضرين لمثل هذه الحفلات أخذت تستخدم هاتفها للتصوير تارة، ولمعالجة الصور وتحريرها تارة أخرى، وكذلك استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، حتى جاءت اللحظة التي تتمنى لو أنها لم تأتِ؛ فقد انتهت بطارية هاتفها، مما اضطرها إلى اللجوء لشاب كان حاضرًا معهم في الحفلة العائلية، وطلبت منه تعبئة هاتفها، فرآها فرصة للاستغلال جاءت له إلى مكانه، وقدحت وساوسُ السوء فكرةً شيطانيةً في نفسه: افتح الهاتف واسرق صورها، ثم ابتزّها.

لم يتردد الشاب في تنفيذ خطته الإبليسية، بعد أن غاب عنه الوازع الديني والأخلاقي وتأنيب الضمير، خصوصًا وأن الصور التي رآها في الهاتف كانت كفيلة بتقديم الضحية له على “طبق من ذهب”، فقام بإرسالها من هاتفها إلى هاتفه، واحتفظ بها مع الرقم، ليبدأ بعدها تهديدها وابتزازها، ليس لطلب المال، وإنما لأمر آخر أشدّ وقعًا وألمًا.

عادت الفتاة إلى منزل ذويها بعد الحفلة، وبدأت الرسائل الصادمة تنهال عليها: “صورك معي، وسأنشرها إلا إذا… خرجتي معي”. لم تُخبِر أحدًا بما يحدث معها؛ خوفًا من المجهول، وانصاعت لتهديداته، وخرجت معه ثلاث مرات، استطاع فيها القيام بكل ما أملاه عليه شيطانه ونفسه الأمّارة بالسوء، ليقتل فيها عمر الزهور وبراءة الطفولة.

بعد كل الخسارات الجسدية والعذابات النفسية، لم تتحمل السكوت، فقررت البوح بما خُفي عن أهلها لأحدهم، لكنها لم تلجأ إلى الأب فهو “مشغول عنهم دائمًا”، وإنما باحت سرّها لأحد القريبين لديها في العائلة، الذي أوصل لهم الحكاية فلجأوا إلى خط حماية الطفل 1100، التابع لوزارة التنمية الاجتماعية، والذي يتعامل مع البلاغات الواردة إليه بكل سرية، ويأخذ بأيدي الأطفال المعرّضين للإساءة إلى بر الأمان مع إجراءات تشخيصية وعلاجية، وبالطبع قانونية ضد من سوّلت لهم أنفسهم خدش البراءة.

بعد اكتمال البلاغ التقت مندوبة حماية الطفل في وزارة التنمية الاجتماعية بالطفلة الضحية وعائلتها، وسمعت من لسانها قصتها المؤلمة التي تمنت لو أنها لم تحدث، ثم بدأت الإجراءات وأُرسِلت الطفلة للطبيب الشرعي، وبعدها حُوِّل الموضوع للادعاء العام، الذي باشر إجراءته هو الآخر، وأحال القضية بكل حيثياتها إلى جهات إنفاذ القانون التي أمرت بحبس الشاب المعتدي وفق المدة التي تم تحديدها.

وأخيرًا، هي حالة واقعية حصلت “أثير” على تفاصيلها من وزارة التنمية الاجتماعية، تضع تساؤلات عديدة عن دور الآباء والأمهات في القرب من أبنائهم والاهتمام بهم والاستماع إليهم، بل ومراقبة سلوكياتهم داخل المنزل وخارجه، فماذا لو أن أب الطفلة أو أمها كان قريبًا منها أثناء حضورها الحفلة العائلية في المزرعة؟ وماذا لو أنهما جلسا معها باستمرار وسألاها عن الأرقام التي تتواصل معها في الواتساب مثلا، وماذا وماذا…؟ لكن في الوقت نفسه فإن هذه الحالة وغيرها تبعث برسالة أمل، تقول فيها بأن هناك جهة تتعامل مع حالات الإساءة ضد الأطفال في السلطنة؛ فإن كنت أيها القارئ الكريم تُريد التبليغ عن مثل هذه الحالات، ارفع هاتفك واطلب رقم 1100، وستجد “الجواب” و”الاهتمام”.

Your Page Title