أسستها عائلة عمانية: “خزانة العودي” تضم مخطوطات قديمة

أثير – د.محمد بن حمد العريمي

حرصت العديد من البيوتات والأسر العمانية الكريمة في جناحي القطر العماني (عمان وشرقي أفريقيا) على الاهتمام بالعلم والأدب وسائر الفنون الفكرية المختلفة؛ وأولوها عنايةً فائقة تمثلت مظاهرها في جلب المعلمين لتنشئة أبنائهم منذ الصغر في مجالات العلوم الأساسية مثل الدين واللغة والحساب، ونسخ الكتب المختلفة وشرائها، ودعم طباعة الكتب، ووقف الأموال على رعاية طلبة العلم وشراء الكتب وتجليدها، وتأسيس المكتبات الخاصة، وغيرها من الأعمال والجهود التي تدل على مدى الاهتمام الكبير بالعلم وما يتعلق به فنون.

وتأكيداً على هذا الأمر فقد حفظ التاريخ العماني أسماء عدد من المنفقين الذي كرسوا أموالهم لخدمة العلم والعلماء، ودوّنت الوثائق العديد من الأوقاف العلمية، وسمعنا عن كثير من المكتبات والخزانات الخاصة التي تضم أمهات الكتب ونوادرها، ومن بينها خزانة (العودي) الخاصة التي أسسها وجلب محتوياتها اللواء متقاعد محمد بن عبد الله بن مسعود الريامي، واعتنى بها وصنّفها ابنه المحامي ناصر بن محمد الريامي.

سبب التسمية

وسميت الخزانة بهذا الاسم نسبة إلى الشيخ مسعود بن علي بن محمد الريامي الملقب بالعودي أحد أشهر رجالات زنجبار وأكثرهم ثراء، ولعب أدواراً سياسيةٍ واقتصاديةٍ مهمة خلال الفترة التي عاشها منذ ولادته في عام 1892 بالبيت الجديد الكائن في حارة الباغ، وحتى وفاته عام 1957، وقد نشأ في حضن جده لأمه الشيخ مسعود بن سيف الريامي وكان ينوب عنه في حضور المجالس السلطانية، كما كان مقرّباً من السلطان خليفة بن حارب الذي كان يحترمه كثيراً ويثق في آراءه ومشوراته المختلفة ومن بينها استشارته في سعر القرنفل لعام 1934، وكان يقول لمن حوله إن الشيخ مسعود “دولة”، بمعنى إنه سلطة مساندة داخل سلطنته، كما طلب منه مرافقته في رحلته إلى بريطانيا سنة 1929 لولا اعتذار الشيخ الذي عرف عنه التواضع وزهده في حب الظهور، وقد نال الشيخ مسعود بن علي العديد من الأوسمة من بينها: وسام ” الكوكب الدرّي”، ووسام اليوبيل، ووساماً صدر بمناسبة مرور 200 عام على تأسيس دولة البوسعيد، كما منحته ملكة بريطانيا وسام عضوية الإمبراطورية البريطانية، كما كان محباً للخير منفقاً في سبيله، ومن بين مآثره العديدة تبرعه للدولة بأرضٍ لتشييد مدرسة ثانوية مع مبلغ عشرة آلاف شلنج، وتبرعه لمنكوبي فلسطين، وللصليب الأحمر، وللمكتبة العربية، وللمدرسة الإسلامية في بيمبا، وغيرها من أعمال البر الكثيرة.

محتويات الخزانة

وتضم الخزانة أكثر من 70 مخطوطة تعود ملكيتها إلى أسرة الشيخ ناصر بن أحمد الريامي من بينها قيد انتقال ملكية كتاب “شرح أبيات الشواهد من المعجم” بيد القاضي والشاعر أبو مسلم البهلاني إلى الجد علي بن قاسم بن ناصر الريامي، ومخطوط كتاب “النواميس الرحمانية في تسهيل الطريق إلى العلوم النورانيّة” تأليف الشيخ العلامة سعيد بن خلفان الخليلي، والجزء الأول من حاشية العلامة الخضري على شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك، والجزء الثالث من شرح كتاب النيل للشيخ محمد أطفيّش، ومخطوط ديوان المتنبي يعود إلى عام 1260هـ، ومخطوط يعود إلى العام 1277هـ، ومخطوط جوهر النظام للإمام نور الدين السالمي الذي وصل إلى زنجبار في 1330هـ.

وتعود أقدم مخطوطات الخزانة إلى عهد الإمام سلطان بن سيف بن سلطان اليعربي وهي عبارة عن جوابات الشيخ أبي الحسن البسياني وتم نسخه في عام 1154 هـ/ 1741م.

وتعد أسرة الشيخ ناصر بن أحمد بن محمد الريامي من الأسر العمانية العريقة في زنجبار، والتي لعبت أدواراً سياسية واقتصادية واجتماعية مهمة هناك منذ هجرة مؤسسها إلى زنجبار عام 1828 بدعوةٍ من السلطان سعيد بن سلطان الذي حرص على اصطحاب عددٍ من وجهاء القبائل ومن بينهم الشيخ ناصر بن أحمد وهو الذي كان يتردد على زنجبار منذ عام 1812 لأغراضٍ تجارية، وقد خرج من هذه الأسرة العديد من الشخصيات المعروفة والمؤثرة في تاريخ العمانيين بشرق أفريقيا ومن بينهم الشيخ مسعود بن سيف بن ناصر الريامي، والشيخ سلطان بن قاسم بن ناصر الريامي، والشيخ سالم بن علي بن سالم الريامي، والشيخ مسعود بن علي بن محمد الريامي “العودي”، والشيخين محمد وسالم ابني سلطان بن قاسم وغيرهم من أبناء هذه الأسرة الكريمة.

المراجع

٠ الريامي، ناصر بن عبد الله. زنجبار شخصيات وأحداث، ط2، مكتبة بيروت، مسقط،2009.

• صور الوثائق من أرشيف المحامي ناصر بن محمد الريامي

Your Page Title